للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من أسباب الفساد والانحلال، وقد يبدو لشخص كحمادة الأصفر دور كبير في هذه القصة, ويتضح ذلك من عناية الكاتب به في كل مرحلة من مراحل القصة. ولعله لم يقف لرسم شخصية من شخصيات القصة مثلما وقف لرسم شخصية حمادة هذا. وقد نجح في أن يخلق منه شخصية درامية ممتازة "ص٢٨٩، ٢٩٠"، ولكنه برغم نجاحه لم يستغل هذه الشخصية استغلالًا شعبيًّا، فقد جسم لنا فيها ما يسود هذا الشعب من نفاق ومن حياة بائسة, ومن جوع وفقر وسير بغير هدف وحياة بغير أمل، كأن الشعب كله هو حمادة هذا الذي يكسب لقمة العيش من أي طريق، ويعيش يومه لا يفكر في غده، ويقضي حياته تحت رحمة المقادير. وهذا يعد إضافة إلى تصوير حال الشعب قبل قيام الثورة, وكأن الأشخاص أنفسهم قد سخروا في القصة لكي يجسم فيها المؤلف مساوئ الحياة الماضية، فشخصياته سواء كانت من بين أفراد الطبقة الأرستقراطية أو من بين أفراد الطبقة الرأسمالية، أو كانت من بين أفراد طبقة الشعب، كانت وسيلة إلى هدف واحد، هو إلقاء الأضواء على مفاسد الحياة القديمة. ومن هذا يتبين لنا أن القصة من حيث حادثتها وفكرتها وشخصياتها تنتهي إلى هدف واحد، هو تصوير ماضي المجتمع المصري قبل قيام الثورة.

يبقى أن ننظر في القصة من حيث بناؤها الفني، ومن حيث لغتها. ويبدو لكل من يقرأ القصة أن الكاتب كان قد وضع تصميم هذه القصة على أساس تصميم من تصميمات كثيرة مألوفة، وهو الربط بين كفاح شعبي وقصة حب. وقد رأينا أنه لم ينجح في أن يصنع تفصيلات هذا التصميم وأن يملأه بالأحداث اللازمة، وأن يحرك الشخصيات المناسبة، فكان تكوين القصة لا يعدو أن يكون حشدًا لأكبر قدر ممكن من المواقف التي يجد فيها الكاتب فرصة لأن يتحدث عن عيب من العيوب. وقد يكون في سياقها نوع من التسلسل المنطقي، ولكنها كثيرًا ما استعانت بعنصر المصادفة في إدخال أحداث جديدة تلزم لإبراز الناحية الثورية، ناحية الكفاح التي ركزها الكاتب في شخصية سيد. ثم إن تركيب الحوادث لم يكن مثيرًا إلى الحد الذي يجعل القارئ مشوقًا دائمًا لأن يستمر في القراءة وتتبع المواقف، ففي أكثر من مرة يحدث الانقطاع بين جزء من القصة وجزء آخر. وهذا يحدث عادة عندما يبحث الكاتب عن مجال جديد ينقل إليه السيد زهير ليبدأ حلقة جديدة من سلسلة كفاحه في الحياة, وأوضح انقطاع هو ذلك الذي تمثل في الخاتمة, وقد أحس الكاتب نفسه بأنها "تشبه خاتمة القصص الروائية". والرداءة هنا في الواقع تأتي من أن الخاتمة لا يربطها بالقصة رباط حيوي، ولكنها تأتي فجأة ودون أي اتصال بما سرد علينا في خلال القصة, بل نستطيع أن نقول: إن القصة

<<  <   >  >>