للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والتفكير وما إلى ذلك. ومن هنا كان النقد الحديث إما نقدًا نفسيًّا يقوم به أناس هم قبل كل شيء دارسون لعلم النفس, ويحاولون استخدام نظرياته وتطبيقها في دراسة لون من ألوان النشاط النفسي وهو الإنتاج الفني، وإما نقدًا حكميًّا يقوم به أناس اعتادوا -بحكم طول مزاولتهم لقراءة الأدب- الحكم على ما يقرءون بالجودة أو الرداءة. وقد انفصل شطرا مهمة النقد، وأصبح هناك نوعان منه: النقد التفسيري للأدب، والنقد الحكمي, وفيما يلي عرض لهذين المنهجين.

أ- النقد التفسيري للأدب:

ينظر إلى هذا النقد -في الواقع- لا على أنه فرع من الأدب، بل فرع من العلم، وهو من ثم ينشد الدقة والعدالة العلمية. "وهذا التناول المقصود -كما يقول "مولتون Moulton"- تناول مستقل عن المدح أو الذم، فلا شأن له بالقيمة، نسبية كانت أو مطلقة، ومن ثم فالناقد العلمي كالباحث في أي ميدان من ميادين البحث العلمي، وهو ينظر إليه بكل اطمئنان على أنه زميل له. هذا الناقد يصور ظواهر الأدب كما هي في الواقع، يفحصها ويحاول تنظيم القوانين والمبادئ التي بحسبها تتشكل هذه الظواهر، ويكون لها تأثيراتها"١.

وتفسير الأدب على أساس نفسي قائم على نظرية "فرويد" في تحليل النفس، فكل ناقد ينشد القيام بمهمة التفسير يلزمه معرفة هذه النظرية، وقد كان "الرومانتيكيون" في نقدهم -قبل ظهور "فرويد"- ينزعون نزعة تفسيرية قريبة من هذه، فعدوا الشرح هو العمل الأساسي للناقد٢.

ولكي نستطيع الإفادة من فرويد في تفسير الأدب يجدر بنا هنا أن نقف وقفة قصيرة عند تحليله النفسي، فنتبين العناصر التي تتألف منها، وتحدد ميدان عمل كل من هذه العناصر.

تتكون النفس الإنسانية -بحسب فرويد- من الأنا والذات العليا والـ هي. والأنا٣ هو الجانب الظاهر من الشخصية؛ وهو يتأثر بالعوامل اللاشعورية من ناحية، وبعالم الواقع من ناحية أخرى؛ ففي عالم الواقع نجد المجتمع بتقاليده وقوانينه وعلاقاته


١ Hudson: كتابه السابق ص٣٥٨.
٢ Roy, P, Basler: Sex, Symbolism and Psychology in Literature., Rutger's University Press, New Branswick, p. ٦.
٣ الأنا Ego: الذات العليا Super-ego، الـ هي، أو الـ هذا Id.

<<  <   >  >>