للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

السلطة الممتصة، وهو الذي يقوم بعملية الزجر والتوبيخ. وهذا العنصر مركب لاشعوري١، وهو لا يفترق عن الضمير المسيحي المألوف، أو إله سقراط المتغلغل في كل شيء٢ "God-within".

وتتلخص الصفات الأساسية للأنا العليا في أنها الناقد الخلقي الأعلى الذي يشعر الأنا بالخطيئة٣.

ويتضح من هذا أن الأنا العليا مكلفة بالأنا ورقيبة عليها، وهي بذلك لا دخل لها في عملية الإبداع الفني؛ لأن الأنا -كما رأينا- ليس ميدانها العمل الفني.

وأخيرًا، يأتي العنصر الثالث وهو: الـ هي٤. فتكوين كل من الأنا والأنا العليا لا يقضي على المنابع الأساسية للدوافع الغريزية، وإنما تظل هذه حية مندفعة للتعبير عن نفسها, ولا يمنعها من التعبير عن نفسها إلا الأنا العليا، وإلى حد ما الأنا. ويرى فرويد أن هذا الجانب يلعب دورًا مهمًّا في حياة الإنسان، ويسميه الـ هي، ومن خصائصها أنها لاشعورية، وأنها لا تتجه وفق المبادئ الخلقية، وإنما تسير على قاعدة تحقيق اللذة والابتعاد عن الألم، ثم إنها لا تتقيد بقيود منطقية، ومن مركباتها النزعات الفطرية الوراثية والمكبوتة، ويقال -بحسب رأي فرويد: إن أهم هذه المركبات هي النزعة الجنسية٥.

وهنا نستطيع أن نخلص إلى النتيجة التي نريدها، فإذا كان الفن -بحسب رأي هارتمان السابق- هو عمل اللاشعور، وكان اللاشعور هو خاصية الـ هي، وكانت الـ هي لا تتجه وفق المبادئ الخلقية ولا تتقيد بقيود منطقية، وكان من مركباتها النزعات الفطرية الوراثية التي أهمها النزعة الجنسية؛ كان الفن كذلك صدًى في أصله الأصيل لتلك النزعة الجنسية "بمفهومها الواسع عند فرويد"، وعلينا الآن أن نتبين الخطوط أو الحلقات الموصلة بين الطرفين.

وقد عزز فرويد نظريته بفهمه الخاص للكبت, وقد نشأ هذا الفهم من دراسته للظاهرة التي تبدو لغوًا من وجهة النظر المعقولة في مثل الرغبة اللاشعورية عند الابنة في


١ عبد العزيز القوصي: أسس علم النفس، ص٢٧٥, ٢٧٦.
٢ Baster: نفسه ص١٦.
٣ القوصي: أسس علم النفس ٧٧.
٤ "ID" IT.
٥ عبد العزيز القوصي: أسس علم النفس ص٢٧٧.

<<  <   >  >>