فمن أطلقها سار على ظاهر قواعد إمامه، من إثبات أخبار الصفات، وإمرارها كما جاءت، ومن لم يفعل، وقف على نصوص إمامه، ولم يتجاوزها، وفي كل خير، ولا يعد اختلافهم في هذا وأمثاله, خروجًا عن المذهب، بل لا يعد اختلافًا حقيقيًا أصلًا. ومن نبذ من الأشعرية كتب السنوسي الثلاثة، وشروحها، وما عليها من حواشٍ، والتي أشغلت من جاء بعدها، عن قراءة نصوص الأشعري، وعاد إلى الإبانة, وقارنها مع مقالات الإسلاميين، ثم قارنها بكتب من جاء بعده, كابن الباقلاني، وابن فورك، وعبد القاهر البغدادي، وابن الجويني إمام الحرمين، والغزالي، عرف وتعرف على الخلاف الحقيقي، فإن أصحاب الأشعري خالفوه في كل شيء من علم الكلام، إلا قواعد يسيرة ثبتوا عليها، كانوا فيها موافقين لإمامهم، لكن هذه القواعد لم تفد في إبقائهم على نصوص الأشعري، فمع أتفاقهم عليها، خالفوه في كثير من الأصول، وغالب الفروع، ولم ينج من ذلك إلا ما قال به أبو محمد الجويني، والد إمام الحرمين، في رسالته: "إثبات الحرف والصوت والاستواء والفوقية" المنشورة ضمن الرسائل المنيرية: "٧٤/١-٨٧", أما ما ينسبه الغزالى أن في هذا عن الأشعري ثلاثة أقوال، وما يقوله ابن السبكي: أن عن الأشعري نقلين وروايتين, التأويل وعدم التأويل, فتلك أحوال الأشعري الثلاثة، فكان ينبغي أن يقولوا بنسخ المتأخر للمتقدم من أقوال الأشعري، ويعملوا بما توفي عليه، وهوالإبانة. ومن الناس من يقول: إن الحنابلة أدخلوا على إمامهم أقوالًا في التجسيم وغيرها لم يقلها الإمام, أقول: التجسيم, وصف الله عز وجل بالجسمية, لا إثبات ما وصف به نفسه، وأخبر به نبيه صلى الله عليه وسلم، ومع إمرار أخبار الصفات وآياته كما جاءت، دون تأويل، أو تكييف، أو تشبيه، أو تعطيل، وإعمال الفكر، والعقل، والخيال. مع ذلك فإن أصحابنا نقلوا اعتقاد إمامهم بالأسانيد الصحيحة، سماعًا لا إجازة، أو وجادة، ويمكن العود لطبقات الحنابلة عند المواضع المذكورة سابقًا، ودراسة الأسانيد والتعرف على رجالها من كتب التراجم الأخرى، سوى طبقات الحنابلة، وفوق هذا وذاك، فإن ابن بطة وابن الزاغواني والقاضي أبا يعلى، وكافة الحنابلة، اعتقادهم واحد هو اعتقاد إمامهم، ومن الحنابلة هؤلاء, القدوة العارف الحجة الإمام الشيخ عبد القادر الجيلاني قدس الله روحه, وهذا كتابه الغنية: جعل فيه بابًا لمعرفة الصانع: "٤٨/١", فعارض أيها المعارض كلام الشيخ عبد القادر بكلام القاضي الذي نقل عنه في =