ثم يجب التنبه إلى أنه لا يؤخذ كلام القوم إلا من كتبهم، ودعك من الكتب الردود والخلاف، ففيها مغالطات وطامَّات، وكل منهم ينقل عمن سبقه دون تحرٍّ أو تحقيق، وهنا نذكر بقول الإمام أحمد رضي الله عنه: "ما أحسن الإنصاف في كل شيء", ودونكم مثلاً على رد التهمة بالتجسيم: ففي كلام أصحابنا ما يثبت خلاف ذلك، تحديداً، ويكفرهم, وسنبسط ذلك في غير هذا الموضوع، بل في مصنف مفرد، مسائل هذا الاختلاف، وحسم مادته إن شاء الله تعالى، ونحن نتمنى ونترقب اليوم الذي نضرب به صفحاً عن تلك الخلافات, ونرى الناس أمة واحدة على الكتاب والسنة, كما أوصانا رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تركت فيكم ما إن تمسكتم به, فلن تضلوا بعدي أبداً، كتاب الله وسنة نبيه". ١ قد تقدم إيجاز عن هذا الكلام، ومن المستحسن الآن بسطه؛ لتتضح الفكرة, نقل هذا المعتقد أصحاب الإمام أحمد، إلى أصحابهم، وجمع عن جمع، حتى كان منهم من جمع تلك الأقوال والروايات, وصنفها، أهمها رسالتان: الأولى: مقدمة الإمام أبي محمد بن تميم الحنبلي, وذكر آخرها أنها: "مقدمة"، وذكر أيضًا: أنه كتبها دون رجوع إلى كتاب، لعجلة الرسول, ولهذا تراها جاءت غير مستوعبة كافة ما نقل عن الإمام، وهي مذكورة في المجلد السادس الأربعين من الكواكب الدراري، وقد تقدم ذكر موضعها قريباً، ورقم مخطوطها، والناسخ, وهو من أكابر العلماء من أهل القرن الرابع عشر الهجري, وقد كانت مما اعتمدنا عليه في تحقيق كتابنا هذا, وقد سميتها: "مقدمة في عقيدة الإمام أحمد" مستفيداً من عنوان وضعه محقق الكتاب، فإن ابن تميم لم يسمها، وذكر أنها مقدمة فقط, انظرها في: "٢٩٣/٢-٣٠٧" طبقات الحنابلة. الثانية: للإمام أبي الفضل عبد الواحد بن العزيز بن الحارث التميمي رحمه الله, قد أملاها على جمع، وهي رواية أربعة من أصحابه، ذكرهم الناشر على صفحة عنوان الرسالة، وقد ذكر المحقق اسم الرسالة: "كتاب في اعتقاد الإمام المنبل أحمد بن حنبل"، وهذا تسمية منه للكتاب، ولهذا سميته: "اعتقاد الإمام أحمد" تسهيلاً للأول، لحاجة العزو له، فإنه مما عدنا له في تحقيق كتابنا هذا, انظر الرسالة في: "٢٦٥/٢-٢٩٠" طبقات الحنابلة.