للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد سمعت شيخنا أبا محمد الخشاب١، إمام أهل العربية في زمانه، يقول: قد فتشت دواوين الأخطل العتيقة، فلم أجد هذا البيت فيها٢.

الثاني: لا نسلم أن لفظه هكذا، إنما قال: "إن البيان من الفؤاد"، فحرفوه وقالوا: الكلام٢.

الثالث: أن هذا مجاز, يراد به أن الكلام من عقلاء الناس إنما يكون بعد التروي فيه، واستحضار معانيه في القلب٢، كما قيل: لسان الحكيم من وراء قلبه، فإن كان له محل قاله، وإن لم يكن سكت، وكلام الجاهل على طرف لسانه.

والدليل على أن هذا مجاز من وجوه كثيرة.

أحدها: ما ذكرناه مما يدل على أن الكلام هو النطق, وحمله على الحقيقة، يحمل٣ كلام الأخطل على مجازها أولى من العكس. "٩/أ"

ثانيها: أن الحقيقة يستدل ٤ عليها بسبقها إلى الذهن، وتبادر الأفهام إليها، وإنما يفهم من إطلاق الكلام ما ذكرناه.

ثالثها: ترتيب الأحكام على ما ذكرناه، دون ما ذكروه.


١ هو عبد الله بن أحمد بن أحمد، أبو محمد، المعروف بابن الخشاب، البغدادي الحنبلي، العالم المشهور بالأدب واللغة والنحو والحديث والفقه والتفسير والمنطق والفلسفة والهندسة والقراءات, له مصنفات كثيرة منها: "المرتجل في شرح الجمل" لعبد القاهر الجرحاني، و"شرح اللمع" لابن جني، و"الرد على التبريزي في تهذيب الإصلاح"، و"شرح مقدمة الوزير ابن هبيرة" في النحو, وتوفي سنة ٥٦٧ هـ ببغداد.
انظر الذيل على طبقات الحنابلة: "٣١٦/١"، وفيات الأعيان: "٢٨٨/٢"، شذرات الذهب: "٢٢٠/٤"، الأعلام: "٦٧/٤".
٢ انظر فيها: الإيمان لابن تيمية: "صـ ١١٦".
٣ في شرح الكوكب المنير: "٤٣/٢": وحمله على حقيقته, وحمل كلام الأخطل.. إلخ.
٤ في الأصل: "يستد".

<<  <   >  >>