للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ـ فإن قيل: قد روى ابن ماجة أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال لعمر: (يا عمر لا تبل قائماً) (١) ، وقد روى ابن ماجة من حديث جابر (أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم نهى أن يبول الرجل قائماً) .

فالجواب: هذان حديثان ضعيفان لا يثبتان عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وقد قال ابن القيم: (لم يثبت عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ حديث) أي في النهي عن ذلك.

وهذا هو المذهب أي عدم كراهية ذلك، إلا إذا خاف تلوثاً أو خاف ناظراً فإنه يكره لذلك.

ـ كما أنه يُستدل على جواز البول قائماً بالأصل؛ فإن الأصل في الأشياء الإباحة فالأصل في العادات الإباحة ما لم يأت دليل على التحريم أو الكراهية.

* قوله: ((وكلامه فيه)) :

أي يكره أن يتكلم في الخلاء، والكلام: منه ما يكون كلاماً فيه ذكر الله عز وجل ومنه ما ليسن كذلك.

ـ أما إذا كان الكلام ذكراً لله فإنه مكروه كما ذكره المؤلف يدل على ذلك ما ثبت في مسلم من حديث ابن عمر: (أن رجلاً سلم على النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهو يبول فلم يردّ عليه) ، وفي ابن ماجة بإسناد ضعيف: (فتيمم ثم ردّ عليه) (٢) .

وقد ثبت في سنن أبي داود وغيره بإسناد صحيح من حديث المهاجر ابن قُنفُذة ـ رضي الله عنه ـ (أنه أتى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهو يبول فسلم عليه فلم يردّ عليه حتى توضأ ثم اعتذر إليه وقال: (إني كرهت أن أذكر الله على غير طهر) (٣) .

فهذه الأحاديث تدل على كراهية ذكر الله، والسلام من ذكر الله.

فإذن: يكره أن يذكر الله ومن ذلك السلام، فإن الله هو السلام ومنه السلام.

ـ فإن قيل: فإذا عطس أو سمع الأذان فماذا يفعل؟؟

فالجواب: أن في ذلك قولين لأهل العلم ـ هما روايتان عن الإمام أحمد.

١ـ القول الأول: أنه يذكر الله في قلبه وهو ضعيف، فإن الذكر القلبي فاقد للذكر اللساني، وإنما يحمد العاطس الله، ويجيب المؤذن بلسانه والقلب وهذا لم يذكر الله بلسانه.