للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

٢ـ القول الثاني: أنه يذكر الله مخافته، كقراءته في الصلاة، بمعنى: يذكر الله بقلبه وبلسانه لكنه لا يرفع صوته بالذكر.

وهذا هو إختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وهذا قول قوي.

ـ وأقوى منه أن يقال: له أن يذكر الله بعد خروجه من الخلاء، فإذا خرج حمد الله وأجاب المؤذن ويدل عليه حديث أبي داود المتقدم فإنه: أتى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهو يبول فسلم عليه فلم يرد عليه حتى توضأ ثم اعتذر إليه) (١) .

إذن: ردّ عليه النبي عليه السلام بعد أن توضأ، فدل ذلك على أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لم يجبه لا في قلبه ولا مخافتة، وإنما أجابه بعد ذلك.

فكذلك إجابة المؤذن وحمد العاطس الله مثل رد السلام: بل ردّ السلام أعظم من ذلك فإنه واجب بخلاف حمد العاطس الله، وإجابة المؤذن فإنهما سنتان، فهذا القول هو الظاهر.

ـ أما الكلام بشيء آخر غير ذكر الله عز وجل فلا يثبت حديث عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ينهي عنه.

وأما ما روى أبو داود من حديث عكرمة بن عمار عن يحيى بن أبي كثير إلى أبي سعيد الخدري أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: (لا يخرج الرجلان يضربان الغائط كاشفين عن عورتهما يتحدثان فإن الله يمقت على ذلك) (٢) .

فالحديث رواه عكرمة بن عمار عن يحيى بن أبي كثير موصولاً ورواه الأوزاعي وغيره عن يحيى بن أبي كثير مرسلاً، وهو الراجح كما قال ذلك أبو حاتم.

ورواية عكرمة بن عمار عن يحيى بن أبي كثير فيها ضعف.

وقد رواه مرسلاً بغير ذكر الصحابي، فعلى ذلك الحديث ضعيف لا يثبت عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم.

وفيه ذكر كشف العورة وهي محرمة، فالحديث لا يدل على كراهية الحديث أبداً.

ولكن مع ذلك فإنه غير لائق من غير أن يكون ذلك مكروها في الشريعة.

أما إذا احتاج إليه فلا شك أنه لا يكون فيه كراهية.

إذن: مجرد الكلام الذي ليس فيه ذكر الله لا حرج فيه مطلقاً إلا أن تركه أولى مروءة لا شرعاً.