للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعن الإمام أحمد: أنه ليس له ذلك مطلقاً وإن كانت هناك فرجة، وبيَّن الموفَّق أن هذه الرواية لا تحمل على هذا المذكور وهو أنه ينهى مطلقاً، قال: بل يحمل على ما إذا كان هناك في الصف سعة يمكنه مع ازدحام أهل الصف بعضهم ببعض أن يكون له فرجة يدخل فيها، فحينئذ يكره ذلك.

أي يكون في الصف سعة يسيرة لا تسع المصلي، ويمكنه أن يأتي إليها ويتراص الناس فيكون له فرجة، فقال الإمام أحمد في رواية عنه: إنه يكره له التخطي – وحمله الموفق على ذلك – وهذا لا شك أنه أولى، فحمل روايات الإمام أحمد أو غيره من الأئمة على مواضع مختلفة أولى من حملها على موضع واحد يختلف فيه.

فحينئذ: الظاهر أن يقال: أن مذهب الإمام أحمد: أنه إذا كانت هناك فرجة تسعه من غير أن يحتاج إلى الناس لتوسعة هذا الموضع ليصلي فيه، فإذا كان الوضع كذلك فإنه يتخطى رقاب الناس إليها، وأما إن لم يكن له فرجة إلا مثل ما يصلي فإنه ليس له أن يتخطى الرقاب، ومن أمامه من المصلين ليس منهم تفريط فإن المصلي عندما يجلس في الموضع قد يحتاج أن يكون الموضع متسعاً له لسماع الخطبة، فإذا أتى أحد من المصلين وسع له وإن كان يحتاج إليه فلم يكن فيه تفريط في هذا.

إذن: عن الإمام أحمد روايتان:

الأولى: أنه لا يكره أن يتخطى الرقاب إلى فرجة.

الثانية: أنه يكره ذلك، وحملها الموفق على الوفاق لا على الخلاف فقال: المراد من ذلك إذا كانت هناك سعة لا يمكنه أن يصلي فيها إلا بأن يزدحم الناس فإنه لا يتخطى الرقاب لكن، هذه الرواية – وهي مذهب الشافعية -: استثنوا فيها تخطي الواحد والاثنين فقالوا: إذا كان هناك موضع يمكنه أن يصلي فيه وهو يحتاج إلى توسيع وتراخي المصلين بعضهم ببعض، فإذا كان يمكنه أن يصل إليه بتخطي رقبة اثنين أو واحد فلا بأس بذلك لأن هذا شيء يسير معفى عنه.