للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والظاهر أنه النهي مطلق، وأنه لا يعفى عن الواحد والاثنين إلا أن يكون فرجة أو تكون هناك توسعة محتاج إليها. وصورة السعة المحتاج إليها:أن يأتي والمسجد ممتلئ بأهله وليس له موضع يصلي فيه إلا في موضع مشقة كأن يكون في برد أو حر أو نحو ذلك فإنه يجوز له أن يتخطى الرقاب ليصلي إلى صف يزدحم أهله فيكون له فيه فرجة – هذا إذا احتاج إلى ذلك كأن يزدحم المسجد بأهله، أو يكون هناك مواضع لكنه يشق عليه أن يصلي فيها إما لحر شديد أو برد شديد أو نحو ذلك.

قال: (وحرم أن يقيم غيره ويجلس مكانه)

وذلك لما ثبت في الصحيحين في حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يقيم الرجل الرجل من مقعده ثم يجلس فيه ولكن تفسحوا وتوسعوا) ؛ وذلك لأنه بسبقه إليه كان أحق به، فلا يجوز أن ينزع هذا الحق منه وقد سبقه إليه غيره. واستثنى من ذلك فقال:

(إلا من قدم من صاحباً له أو غلاماً له في موضع بحفظه له)

فمثلاً: جلس الابن في موضع مسبق لأبيه، أو سبق أحد من الناس لأحد من أهل الفضل فإذا أتى قام له، قالوا: فيجوز ذلك لأنه قام باختياره، والنهي المتقدم إنما هو نهي أن يقيم غيره من موضع فيقوم من غير رضى.

وهذا إنما ينبني على المشهور في المذهب من جواز وضع فراش ونحوه مما تحجز به المواضع، وسيأتي بيان أن هذا لا يجوز وحينئذ: تكون هذه المسألة كذلك، فلا يجوز له أن يقدم صاحباً له أو غير ذلك، فإن الجالس في الموضع إنما يجلس فيه ليستمع وليكون هذا المحل له، أما إذا ذهب بهذا الغرض فإنه – حينئذ – غير ما قاصد الجلوس بنفسه فلا يجوز له ذلك ويكون بالحجز بالفرش ونحوها.

فعليه لا يجوز ذلك، لأن هذا حجز لهذا الموضع بغير حق.