للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قالوا: وكذلك يجوز لأحد من الناس أن يقوم أو يقام له من مجلس، قالوا: فلا بأس بذلك ويجوز له أن يجلس فيه. قالوا: لأنه قام باختياره، والنهي إنما هو أن يقام. قالوا: لكن يكره لأنه إيثار في القرب فهو في مكان فاضل فآثر به غيره، وهذا نوع زهد عن العمل الصالح فتكون مكروها.

واحتمل الموفق: أنه لا كراهية في ذلك؛ لأنه من باب تقديم الفاضل، وتقديم الفاضل إلى القربة وإيثاره بالقربة لا بأس به لقوله - صلى الله عليه وسلم -: (ليليني منكم أولو الأحلام والنهى) .

وما ذكره الموفق ظاهر: إن كان المقوم له من أهل الفضل.

ويدل على ذلك: أن عائشة آثرت عمر بن الخطاب في موضعها من بيتها، وقد وضعت لها وموضعاً تقبر فيه، فاستأذنها عمر أن يقبر عند صاحبيه فأذنت له وآثرته في هذه القربة رضي الله عنهما، فهذا من باب الإيثار لمن كان أحق بالشيء وأولى به. قالوا: وأهل الفضل أولى بالدنو من الإمام والقرب منه فكان الإيثار لهم جائزاً.

وأما إطلاق ذلك فلا، فإن فيه إيثاراً بالقربة.

قال: (وحرم رفع مصلى مفروش ما لم تحضر الصلاة)

فإذا حضرت الصلاة فيجوز أن يرفع هذا المصلى، هذا أحد الوجهين في مذهب الحنابلة، وأنه من وضع فراشاً أو نحوه فلا يجوز رفعه إلا أن تحضر الصلاة. قالوا: لأنه قد سبق بوضع هذا الفراش أو غيره إلى هذا الموضع، ولما يترتب على رفعه من الخصومة أو العداوة والبغضاء.

والوجه الثاني: قالوا: بل له رفعه، وقالوا: لأن تركه ذريعة إلى تخطي الرقاب فيتأخر صاحب هذا الموضع الذي حجزه بهذا الشيء ويتعدى أو يتجاوز رقاب الناس.