للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قالوا: ولأن السبق إنما هو بالأبدان ولا بغيرها من الفراش ونحو ذلك فهذا الموضع موضع مباح من سبق إليه فهو أحق به، والسبق المشروع إنما يكون بالبدن، فإذا ذهب إلى المسجد وتكلف الذهاب في أول الوقت وفوت على نفسه شيئاً من مصالحه أو مراداته أو نحو ذلك وتقدم واشتغل بالعبادة، فكان هذا الموضع على هذه الصفة هو أحق به من غيره.

أما إن لم يكن الأمر كذلك بل قدم إليه شيئاً أو حجزه فإنه ليس أحق به – وهذا القول هو الراجح -.

وشدد شيخ الإسلام فأصاب بهذه المسألة وأنكرها وبيَّن أن ذلك منه اغتصاب لهذا الموضع وأن ذلك محرم؛ لأن هذا الموضع لمن سبق إليه وكونه يحوطه بشيء أو يحجزه هذا أمر محرم لأنه [لا] يملك هذا الموضع واغتصبه بغير حق والحق أن يسبق إليه ببدنه وإنما سبق إليه بغير بدنه، ومثل ذلك المسألة السابقة فيمن قدم أحداً من الناس لا يقصد هذا الموضع بل يقصد حجزه فالحكم كذلك.

إذن لا يجوز حجز المواضع ومن وضع فراشاً فلغيره رفعه بل يجب كما قال شيخ الإسلام رفعه لأنه من باب إنكار المنكر إلا أن يترتب مفسدة أعظم من ذلك فإنه يترك.

قال: (ومن قام من موضعه لعارض لحقه ثم عاد إليه قريباً فهو أحق به)

كأن يقوم ليتوضأ أو يأتي بحاجة له قريبة، فإذا رجع فهو أحق بهذا الموضع فله أن يقيم غيره من الناس لأنه أحق به.

ودليل ذلك: ما ثبت في مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من قام من مجلسه ثم رجع إليه فهو أحق به) وقال – كما في الترمذي وصححه وهو كما قال -: (الرجل أحق بمجلسه وإن خرج لحاجته ثم عاد فهو أحق بمجلسه) والمراد بالحاجة التي لا تعتبر قاطعة - في العرف – الجلوس، فهي حاجة قريبة كوضوء ونحوه.

قال: (ومن دخل والإمام يخطب لا يجلس حتى يصلي ركعتين يوجز فيهما)