للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أما دليل فرضية الإنصات فقد تقدم. وأما دليل استحباب الاستماع فهو ما ثبت في سنن أبي داود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يحضر الجمعة ثلاثة نفر، رجل حضرها يلغو فهو حظه منها، ورجل حضرها يدعو فهو رجل دعا الله إن شاء أعطاه، وإن شاء منعه، ورجل حضرها بإنصات وسكوت ولم يتخط رقبة ولم يؤذ أحداً فهي له كفارة إلى الجمعة التي تليها وزيادة ثلاثة أيام، وذلك لأن الله يقول: {ومن جاء بالحسنة فله عشر أمثالها} ) .

والشاهد قوله: (ورجل حضرها يدعو فهو رجل دعا الله إن شاء أعطاه وإن شاء منعه) فدل على أن من لم يستمع إلى الخطبة واشتغل بدعاء أو صلاة أو نحو ذلك ولم يؤذ أحداً برفع صوته فإن الجمعة تصح منه لكنه تارك للمستحب.

وأما الكلام فهو مضاد للإنصات قال تعالى: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا} " استمعوا " أي أصغوا إليه بآذانكم " وأنصتوا " أي كونوا ساكتين غير متكلمين غير مشتغلين مما يمنع الاستماع.

قال: (إلا له أو لمن يكلمه)

أي يجوز للخطيب أن يخاطب الناس بما هو خارج عن خطبته لما تقدم من قول النبي صلى الله عليه وسلم لسليك الغطفاني، وقد دخل يوم الجمعة وهو يخطب قال: (أصليت ركعتين؟ قال: لا، قال: قم فصل ركعتين) فقد خاطب النبي صلى الله عليه وسلم غيره من المصلين.

ومثل ذلك: الكلام مع الخطيب، فإنه لا يؤثر ولا ينافي الإنصات المتقدم، كما ثبت في الصحيحين عن أنس: (أن رجلاً دخل المسجد والنبي صلى الله عليه وسلم قائم يخطب فاستقبله وهو قائم قال: يا رسول الله هلكت الأموال وانقطعت السُبل فادع الله يغثنا فقال النبي صلى الله عليه وسلم وقد رفع يديه: (اللهم أغثنا ثلاثاً) وقد تقدم ما دار بين عثمان وعمر لما تأخر عن الجمعة، فكلام الخطيب والكلام معه لا يفسد الجمعة.

قال: (ويجوز قبل الخطبة وبعدها)

فقبل الخطبة يجوز الكلام، كأن يتكلم الناس وهو صاعد على المنبر لا بأس بذلك.