للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذهب الشافعية والمالكية: إلى أنها سنة مؤكدة، ودليلهم على سنيتها هو مواظبة النبي صلى الله عليه وسلم عليها، ومواظبة الصحابة من الخلفاء الراشدين وغيرهم عليها، فلذلك هي مشروعة مؤكدة، ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه تركها منذ شرعت فكانت مؤكدة بذلك.

وأما الحنابلة فدليلهم على فرضيتها فرض كفاية، لأنها شعيرة من شعائر الإسلام الظاهرة والقاعدة في الشعيرة الظاهرة كالأذان وغيره أنها واجبة كالجمعة، فهذه أشياء ظاهرة واجبة على المكلفين لكنها ليست واجبة على الأعيان بل على الكفاية عندهم لأن دليلهم فحسب هو أنها شعيرة ظاهرة والشعائر الظاهرة متى قام بها من يكفي في إظهارها وإبرازها، فإن الحكم يسقط عن الباقين فيبقى في حقهم على الاستحباب.

وذهب الأحناف وهو رواية عن الإمام أحمد واختيار شيخ الإسلام: إلى أنها فرض على كل مكلف من الذكور البالغين دون الإناث.

واستدلوا على فرضيتها بما ثبت في الصحيحين أن أم عطية حدثت عن النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: (أمرنا أن نخرج العواتق والحيض وذوات الخدور في العيدين ليشهدن الخير ودعوة المسلمين. قالت: قلت يا رسول الله: إن إحدانا لا يكون لها جلباباً؟ فقال: لتلبسها أختها من جلبابها) وهذا الدليل – في الحقيقة – لو استدل به الأحناف، فإنه إنما يصح دليلاً على الذكور والإناث جميعاً.

ولعل دليلهم قوله تعالى: {فصل لربك وانحر} فإن هذه الآية قد فسرت عند طائفة من المفسرين بأن المراد بها صلاة العيد وهذا في صلاة عيد الأضحى، ومثله الفطر.

لكن الصحيح أن هذه الآية: آية فيها أمر من الله بالصلاة أي بإقامتها، وبالنحر أي بأن يكون الذبح لله سواء بالأضاحي أو غيرها، بدليل أن هذه الآية مكية، وأن صلاة العيد لم تشرع إلا في المدينة.