للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لكن ما ذكره الأحناف من الدليل المتقدم يصح أن يستدل به على ما ذهب إليه طائفة من العلماء: من أن صلاة العيد فرض على كل مكلف ذكراً كان أو أنثى، فالنبي صلى الله عليه وسلم قد أمر العواتق والحيض وذوات الخدور – في العيدين – أن يشهد الخير ودعوة المسلمين، وبالغ في ذلك حتى أمر من ليس لها جلباب أن تلبسها أختها من جلبابها، وظاهر أمره الإيجاب.

ويؤيده ما ثبت في مسند أحمد بإسناد لا بأس به أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (واجب على كل ذات نطاق الخروج إلى العيدين) .

ويشهد لهذا الحديث أثر موقوف ثابت عن أبي بكر الصديق، فقد ثبت في مصنف ابن أبي شيبة بإسناد صحيح أنه قال: (حق على كل ذات نطاق الخروج إلى العيدين) .

وإلى ذلك ذهب طائفة من العلماء، وهو مذهب ابن حزم والصنعاني والشوكاني، واحتمل هذا القول شيخ الإسلام فقال: " وقد يقال بوجوبها على النساء وغيرهم " (١) ، وهذه الأدلة ظاهرة فيما ذكره شيخ الإسلام من هذا القول المحتمل.

فالراجح ما ذهب إليه طائفة من السلف وذهب إليه من تقدم ذكرهم واحتمله شيخ الإسلام فهو أظهرها، لأمر النبي صلى الله عليه وسلم النساء بذلك، وإذا ثبت هذا في حكم النساء فهو في حكم الرجال أولى.

قال: (إذا تركها أهل بلدٍ قاتلهم الإمام)

إذا ترك أهل بلد صلاة العيد فلم يقيموها في بلدتهم وهجروا هذه الشعيرة فإنهم يقاتلون، لدخولهم في القاعدة المتقدم ذكرها من أن القرية أو المدينة التي تخالف شعيرة من شعائر الإسلام الظاهرة، فإنها تقاتل، كمن ترك الأذان ونحوه، وقد تقدم الكلام على هذا في باب الأذان.

فإذن يقاتلهم الإمام لاجتماعهم على ترك هذه الشعيرة، والجهاد قد أقيم لإقامة الدين أو بعضه، فكما يقاتل من ترك الدين فكذلك يقاتل من أصر على ترك شيء من شعائره الظاهرة.


(١) قال في مجموع الفتاوى [٢٤ / ١٨٣] : " والقول بوجوبه على الأعيان أقوى من القول بأنه فرض على الكفاية ".