للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هذا شرط وجوب، والفرق بين شرط الصحة وشرط الوجوب: أن شرط الصحة إذا انتفى بطلت العبادة، وأما شرط الوجوب فإذا انتفى فإن العبادة لا تبطل لكن لا يجب في الأصل بهذا الشرط بمعنى أن انتفاء شرط الوجوب يعني انتفاء الوجوب يعني إن حج فالحج صحيح. وعليه: فالمرأة إذا حجت بلا محرم فحجها صحيح وهي آثمة، وهذا قد اتفق عليه العلماء لأنه شرط وجوب لا شرط صحة، وهي آثمة لما ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم، ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم فقال رجل: يا رسول الله: إن امرأتي خرجت حاجة وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا فقال: انطلق فحج مع امرأتك) (١) ، وفي الدارقطني وصححه أبو عوانة: (ولا تحجن امرأة إلا ومعها ذو محرم) .

فإن حجت مع جماعة النساء فهل يجوز لها ذلك ويسقط عنها الإثم؟

ذهب إلى جواز ذلك الإمام مالك واختار ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية وأن المرأة إذا ذهبت في قافلة آمنة ومعها جماعة النساء فإن ذلك يجوز لها.

واستدلوا: بما روى البخاري: أن عمر أذن لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم في آخر حجة حجها وبعث معهن عثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف " (٢) وكان ذلك بمحضر من الصحابة، والشاهد أنه قد بعث معهن عثمان وعبد الرحمن وهما ليس بمحارم لهن.

وهذا الاستدلال فيه ضعف من وجهين:

الوجه الأول: - وهو أضعف من الوجه الثاني – أن يقال: إن نساء النبي صلى الله عليه وسلم لهن من حفظ الله وعنايته لحفظ عرضه صلى الله عليه وسلم ما ليس لغيرهن، ولهن من الصيانة والعفاف أعظم ذلك، فلا يقاس غيرهن بهن – هذا لو سلمنا أنه ليس معهن محرم.


(١) أخرجه البخاري [٣٠٠٦، ٣٠٦١، ٥٢٣٣، ١٨٦٢] ، ومسلم [٤٢٤، ١٣٤١] . بداية المجتهد [٢ / ٢٢٣]
(٢) صحيح البخاري، باب حج النساء من كتاب جزاء الصيد رقم ١٨٦٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>