للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الوجه الثاني: أن يقال: إن هذا الأثر ليس فيه أنه ليس معهن محرم، وإنما فيه أن عمر بعث معهن على القافلة عثمان وعبد الرحمن أي أمراء على القافلة، فهما أمراء القافلة التي فيها أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وليس في الأثر أنه ليس معهن محارم فإن الأثر لم يتعرض لذلك، وهنَّ أجلَّ من أن يخالفن النبي صلى الله عليه وسلم في نهيه العام أن تسافر المرأة بلا محرم.

لذلك الصحيح ما هو مشهور في المذهب من: أن المرأة ليس لها أن تسافر إلا مع ذي محرم. ثم إن الفارق ظاهر، فإن المحرم لا يقوم مقامه شيء فلا يقاس به غيره، فكونها تكون مع جماعة النساء لا يغني ذلك عن محرمها ولا يقوم مقامه، والأصل في القياس هو التماثل فلا يلحق هذه المسألة بمسألة المحرم مع وجود الفارق، فإن مظنة [الحفظ] قوية وإن كانت موجودة مع صحبة النساء أو في صحبة منه ولا يشبه ذلك وجود محرمها.

واعلم أن من شروط المحرم أن يكون بالغاً – باتفاق العلماء، فالصبي وإن كان مميزاً ليس بمحرم لا في الخلوة ولا في السفر؛ ذلك لأن الحفظ والصيانة لا يكون إلا بمن كان بالغاً وهذا هو المقصود من المحرم.

قال: (ومحرمها هو زوجها)

فالزوج محرم لها وهذا ظاهر.

ولا يجب على الزوج أن يحج بها إذ لا دليل على إيجاب ذلك عليه، وأما قوله صلى الله عليه وسلم: (انطلق فحج مع امرأتك) (١) فإن هذا أمر بعد سؤال فلا يدل على الوجوب؛ ولأن في ذلك مشقة وليس من التعبد المختص بنفسه والأصل في مثل ذلك ألا يكون واجباً إلا بدليل ظاهر يدل عليه، وليس عندنا ما يدل على إيجابه على الزوج ولكن ليس للزوج أن يمنعها من حج الفريضة، فهو حق الله عليها بخلاف حج التطوع فله أن يمنعها.

قال: (أو من تحرم عليه على التأبيد)


(١) سبق برقم ٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>