للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فالإمام أحمد نص على أن من أراد أن يفرد كلاً منهما بسفر فإنه هو الأفضل، فإذا جمع بينهما فإن الأفضل هو التمتع أما إن أراد عمرة منفردة بسفرة منفردة، وحجة منفردة بسفرة منفردة فإن هذا أتم لحجه وعمرته كما ورد ذلك عن عمر.

والصحيح ما تقدم: وهو وجوب التمتع وقد ثبت عند الطحاوي عن عمر بإسناد جيد، وقال ابن القيم: صح عن عمر من غير وجه أنه قال: (لو اعتمرت في السنة مرتين لجعلت مع حجي عمرة) فيحتمل أن يكون هذا ناسخاً لقوله.

قال: (وصفته أن يحرم بالعمرة في أشهر الحج ويفرغ منها ثم يحرم بالحج في عامه)

فلابد أن يحرم بالعمرة في أشهر الحج، فإن أحرم بها في غير أشهر الحج فليس بمتمتع اتفاقاً.

ومثل ذلك في المشهور من المذهب وهو أصح قولي العلماء: لو أحرم في رمضان وفعل المناسك في رمضان فإنه لا يعد متمتعاً، كرجل أحرم في آخر نهار رمضان وفعل المناسك ليلة العيد أو صبيحة العيد أي في شوال فإنه ليس بمتمتع، لأن الإحرام وهو ركن من أركان العمرة، قد وقع في غير أشهر الحج، ولا تكون العمرة في أشهر الحج حتى تكون العمرة كلها في أشهر الحج، وهنا قد وقع الإحرام في غير أشهره.

ولابد أن يهل بالحج في عامه ذلك، فإن أهل في عام آخر فليس بمتمتع، فلو أن رجلاً أهل بالعمرة في أشهر الحج ثم مكث بمكة سنة حتى أتى الحج القادم فأهل بالحج فليس بمتمتع.

وقد روى البيهقي بإسناد حسن – كما قال النووي – عن سعيد بن المسيب قال: (كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يعتمرون في أشهر الحج فإذا لم يحجوا في عامهم ذلك لم يهدوا) .

ويدل على ذلك أيضاً الآية الكريمة: {فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي} فظاهر الآية الموالاة بين الحج والعمرة، فإن اعتمر في سنة وحج في أخرى فليس ثمت موالاة. فالتمتع: أن يحرم بالعمرة في أشهر الحج، وأن يكون الحج في العام نفسه الذي اعتمر فيه وإلا فليس بمتمتع، وبالتالي فليس عليه دم.

<<  <  ج: ص:  >  >>