للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

١- القول الأول، وهو مذهب الأئمة الأربعة: أنه لا يجب عليه الهدي، على خلاف بينهم في هذا السفر. فمنهم من قال: هو السفر الذي تقصر فيه الصلاة – كما هو مذهب الحنابلة –، ومنهم من قال: بل الميقات، فإذا ذهب إلى الميقات ثم رجع حاجاً فلا هدي عليه، وهذا مذهب الشافعي، ومنهم من قال: بل إذا رجع بلده خاصة كما هو مذهب أبي حنيفة، ومنهم من قال: إذا رجع إلى بلده خاصة أو ما يماثله مسافة وأولى من ذلك إذا كانت المسافة أكثر.

إذاً: هم متفقون على سقوط الهدي بتنوع السفر لكن اختلفوا في السفر.

٢- وذهب الحسن البصري واختار ذلك ابن المنذر: إلى أنه لا يسقط عنه وإن رجع إلى بلدته أم إلى ما هو أبعد منها.

ومنشأ الخلاف في هذه المسألة راجع إلى الخلاف في الآية في سورة البقرة وهو قوله تعالى: {فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي ... ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام} فاختلف أهل العلم في " ذلك " هل الإشارة إلى التمتع أو إلى الهدي؟

أ- فهل هي إشارة إلى التمتع، فيكون التمتع غير مشروع لحاضري المسجد الحرام، فيكون المعنى: ذلك التمتع المذكور إنما يشرع لمن لم يكن حاضر المسجد الحرام، أما من كان حاضراً له فليس له أن يتمتع.

ب- والقول الثاني: أن الإشارة راجعة إلى الهدي أي ذلك الهدي المشروع إنما يشرع لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام أما من كان أهله حاضري المسجد الحرام فتمتع فليس عليه هدي.

فمذهب الأحناف وهو اختيار البخاري: أن الإشارة راجعة إلى التمتع ولذا يقول الأحناف بعدم مشروعية التمتع لحاضري المسجد الحرام.

ومذهب جمهور العلماء: إلى أن الإشارة إلى الهدي أي ذلك الهدي وما ينوب عنه من الصيام إنما يكون لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام، وذلك لأنه ترخَّص وترفَّه بأن جمع بين نسكين في سفر واحد، فلما جمع بينهما في سفر واحد أوجبنا عليه الهدي لترخصه في ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>