للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أما المتمتع من حاضري المسجد الحرام فليس له سفر فلم يترفه حينئذٍ فليس عليه هدي.

وقد استدل من قال بأنها راجعة إلى التمتع قالوا: يدل على ذلك أن لفظة " ذلك " قد جمعت بين اللام والكاف وهما إذا اجتمعا في اسم الإشارة فإن ذلك يدل على البعد والمذكور البعيد هو التمتع، فإنه قد ذكر قبل الهدي فهو أبعد.

قالوا: والقرينة الثانية أن الله قال {لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام} فأتى باللام –والتمتع له – والهدي عليه، فلم يقل ذلك " على " أي ذلك الهدي على من لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام. فدل على أن المراد بذلك التمتع الذي له وله أجره وثوابه أما الهدي فهو عليه واجب.

وأجاب الجمهور على ذلك فقالوا:

أما الإتيان بـ"ذلك " التي تفيد الإشارة إلى البعيد فإنه معلوم في لغة العرب أنها تأتي للإشارة إلى القريب وهذا مشهور في استعمالهم.

قالوا: ولفظة " اللام " تأتي بمعنى على، كقوله تعالى {ويخرون للأذقان} أي عليها، وقوله: {وتله للجبين} أي على الجبين.

قالوا: والأصل في الإشارة كالضمير أن يعود إلى أقرب مذكور، وأقرب مذكور هو الهدي.

والذي يتبين لي أن الأقوى ما ذهب إليه الأحناف واختاره الإمام البخاري: وأن الإشارة تعود إلى التمتع؛ وذلك لأن لفظة " ذلك " في الأصل إشارة إلى البعيد، وكونها إشارة إلى القريب خلاف الأصل وخلاف الظاهر.

ولأن اللام في الأصل كما ذكره الأحناف واختاره البخاري، وأما كونها تكون بمعنى " على " فإن هذا خلاف الأصل فهو نوع تأويل.

<<  <  ج: ص:  >  >>