للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولذا فالراجح – كما أنه الأحوط -: ما ذهب إليه الحسن البصري وهو اختيار ابن المنذر: من أن من سافر سفراً بين عمرته وحجته سواء كان هذا السفر يقصر فيه الصلاة فحسب أو كان أبعد من ذلك بأن يرجع إلى بلدته أو نحو ذلك مما تقدم فإن عليه أن يهدي لعموم قوله تعالى: {فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي} وحقيقة التمتع هو الجمع بينهما في أشهر الحج، وقد قوى هذا القول الشنقيطي في أضواء البيان.

الفرع الثاني: هل يشترط أن ينوي في عمرته في ابتدائها أو في أثنائها أنه يريد الحج وأنه سيتمتع أم لا يشترط ذلك؟

رجل ذهب في شوال معتمراً فلما تحلل نوى أن يمكث في مكة حتى يأتي الحج فيحج فهل هو متمتع فيجب عليه الهدي أم ليس بمتمتع حتى ينوي في عمرته التمتع؟

وبصورة أخرى: هل يشترط له وهو في الميقات وقد قال لبيك عمرة أن ينوي أنه سيتمتع سواء كان ذلك في مبتدأ تلبيته أو كان ذلك في أثناء العمرة وقبل أن يحل أم لا يشترط ذلك؟

المشهور في مذهب الحنابلة أن ذلك شرط وهذا عندهم كما يكون في الجمع بين الصلوات، فشرط عندهم كما تقدم أن ينوي الجمع في الصلاة الأولى.

واختار الموفق أن ذلك ليس بشرط، وهذا هو القول الراجح فإنه لا دليل على اشتراطه، ولأنه قد تمتع بالعمرة إلى الحج فدخل في عموم الآية، واشتراط النية أثناء العمرة لا دليل عليه.

وعليه فلو ذهب معتمراً من غير أن ينوي أن هذه العمرة سيتمتع بها إلى الحج فلما أحل نوى أن يحج فبقي في موضعه حتى الحج أو رجع إلى بلدته فإنه متمتع وعليه الهدي.

الفرع الثالث: هل الهدي واجب على من جمع بين نسكي الحج والعمرة، ولكن أحدها له والآخر لغيره؟

كمن جمع بين الحج والعمرة بأن كانت العمرة له والحج عن غيره، فهل عليه الهدي أم لا؟

قولان لأهل العلم هما قولان في مذهب أحمد والشافعي ومالك وأبي حنيفة.

<<  <  ج: ص:  >  >>