للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والدليل على أن الطيب من محظورات الإحرام، ما تقدم من حديث من وقصته راحلته فمات أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ولا تحنطوه) والحنوط أخلاط من الطيب، وفي رواية للبخاري: (ولا تقربوه طيباً) (١)

قال: (أو أدهن بمطيب)

إذا ادهن أو استعط أو اكتحل بشيء من الأدهان المطيبة كدهن ورد ونحو ذلك فإن عليه الفدية، لأنه قد قرب طيباً فإن هذا الدهن مطيب وحيث ادهن به فإنه يكون حينئذٍ قد مس طيباً، أما إذا ادهن بدهن ليس من الأدهان المطيبة فلا حرج في ذلك إجماعاً.

قال: (أو شم طيباً)

كذلك إذا شم الطيب قصداً فإن عليه الفدية؛ وذلك لأن المقصود من الطيب رائحته، وهذا يحصل بالشم فإذا شمه قاصداً فإنه يكون قد فعل هذا المحظور.

فالمقصود من الطيب هو رائحته بدليل أنه لو مسه بيده وكان يابساً لا ينتقل إلى اليد بالمس كما لو مس قطع كافور أو نحو ذلك فإنه بالاتفاق ليس بفاعل لمحظور لأن اليد لم يعلق فيها شيء من الطيب فلا يؤثر هذا المس.

وهنا: إن أكل أو شرب طعاماً فيه شيء من الأطياب كالزعفران أو نحوه؟

قولان لأهل العلم:

القول الأول: وهو المشهور في مذهب الحنابلة وهو مذهب الشافعية قالوا: أنه يكون قد فعل محظوراً.

قالوا: لأن المقصود هو الرائحة فإذا أكله أو شربه فظهرت الرائحة من فيه فإنه حينئذٍ يكون قد حصل المقصود من الطيب بخلاف ما لو ذهبت الرائحة بالطبخ فإنه لا حرج في ذلك إذ الحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً.

القول الثاني: وهو مذهب الأحناف والمالكية: أنه ليس بمحظور سواء وجدت الرائحة أم لم توجد لأنه استحال بالطبخ عن كونه طيباً إلى كونه مطعوماً.

والقول الأول أظهر؛ لأن العلة فيه أصح والحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً.


(١) البخاري [١ / ٣١٩..] ومسلم [٤ / ٢٣..] وغيرهما، الإرواء ١٠١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>