للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ـ أما الوضوء منه، فقد ذهب جمهور الفقهاء إلى أن ذلك جائز، واستدلوا بما رواه الإمام عبد الله بن الإمام أحمد في زوائده على مسند أبيه، من حديث علي بن أبي طالب: أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ دعا بسجل من ماء زمزم فشرب منه وتوضأ (١) .

هذا الحديث يدل على جواز الوضوء من ماء زمزم وأنه لا حرج في ذلك ولا بأس.

ـ وعند الإمام أحمد خلاف المشهور في المذهب عنه كراهية ذلك.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: بكراهية الاغتسال دون الوضوء وأن الغسل مكروه دون الوضوء.

ـ أما القول بأن الوضوء مكروه فإنه لا دليل عليه والحديث النبوي الذي تقدم ذكره يرده.

وأما الغسل منه فليس في الحديث أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ اغتسل.

وهل هناك ما يمنع من الاغتسال أم يقال إن الاغتسال مثل الوضوء؟؟

روى الفاكهي في "أخبار مكة" وهو من علماء القرن الثالث، بإسناد صحيح عن العباس بن عبد المطلب وابنه "والعباس هو ساقي الناس من ماء زمزم فكان على سقاية زمزم ـ رضي الله عنه" قالا: (لا أحله لمغتسل وهو لمتوضئ وشارب حل وبِلّ) (٢) أي برؤ من الأمراض.

فهنا قال هذان الصحابيان من أصحاب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ورضي الله عنهما. قالا: (لا أحله لمغتسل) فكل واحد منهما قال هذه المقالة.

ولم يصب النووي عندما قال فيه: أنه لم يصح ما ذكروه عن العباس، بل قد صح ذلك بإسنادين أحدهما إسناد حسن والآخر إسناد صحيح، وقد احتج بهذا الأثر الإمام أحمد ـ رحمه الله تعالى.

وهذا الأثر عن العباس وابنه يدل على النهي عن الاغتسال من ماء زمزم وأن ذلك منهي عنه.

وقد كرهه ـ كما تقدم شيخ الإسلام ابن تيمية وحكى ذلك عن طائفة من العلماء. ولم أر أحداً من أهل العلم صرّح بتحريمه.

ـ ثم إن هناك شيء من الفارق بين الغسل والوضوء فإن إزالة الجنابة أشد من إزالة الحدث الأصغر.