للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

إذن هذا الحديث ليس فيه أن الماء إذا كان دون القلتين فإنه يحمل الخبث، ثم إنه لو كان فيه ذلك فإنه مفهومه، ودلالة المنطوق مقدمة على دلالة المفهوم؛ لأن قوله (إن الماء طهور لا ينجسه شيء) (١) ، منطوقه أنه سواء كان قليلاً أو كثيراً فإنه لا ينجس إلا بالتغير، فهذه دلالة منطوق.

وأما الحديث فإنه دلالة مفهومه على القول تدل على أنه إذا كان دون القلتين فإنه يحمل الخبث ويتنجس بذلك فهذه دلالة مفهوم، ودلالة المنطوق مقدمة عليها.

ـ ثم إن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في هذا الحديث قد علّق الأمر وأناطه بالحمل فقال: (لم يحمل الخبث) ، فدل على أن مناط الحكم هو حمل الخبث، وهذا يدل على القاعدة الشرعية التي تقول: (الحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً) ، فهنا النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: (لم يحمل الخبث) ، فدل على أن مناط الحكم هو حمل الخبث.

فعلى ذلك إذا استُهلك الخبث في القليل فإنه حينئذ لا ينجس وإذا حمله القليل فإنه ينجس.

إذن القول الراجح عدم التفريق بين قليل الماء وكثيره.

فالماء إذا كان قليلاً أو كان كثيراً فوقعت فيه نجاسة فإننا ـ حينئذ ـ ننظر هل غيرته أم لا؟؟ فإن غيرته فهو نجس، وإن لم تغيره فهو طهور، هذا هو الراجح.

وهو مذهب مالك واختيار شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم، فلا فرق بين قليل الماء وكثيره.