للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ـ واستدلوا: بما رواه مسلم من حديث ابن عباس أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: (إذا دبغ الأديم فقد طهر) .

وهو عند الأربعة بلفظ: (أيما إهاب دبغ فقد طهر) .

وفي صحيح ابن حبان عن عائشة قالت: (أمر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن نستمتع بجلود الميتة إذا دبغت) .

وثبت ـ عنده ـ أي ابن حبان ـ بإسناد صحيح أنه قال: (دباغ جلود الميتة طهورها) .

فهذه أحاديث تدل على أن الميتة جلدها إذا دبغ فإنه يطهر.

ـ أما الجواب على دليل أهل القول الأول. فالجواب أن يقال: أما على القول يتضعيف الحديث فلا إشكال.

ـ أما على القول بتصحيحه ـ وهو الراجح ـ فالجواب: أن يقال إن الإهاب كما ذكر غير واحد من اللغويين كالخليل وغيره إن الإهاب إنما يطلق على الجلد قبل أن يدبغ، أما إذا دبغ فإنه لا يسمى إهاباً.

فعلى ذلك، حديث عبد الله بن عكيم (ألا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب) معناه: أي لا تنتفعوا من جلود الميتة قبل أن تدبغوها ـ وهذا ما اتفق عليه أهل العلم.

ـ والجواب الآخر: أن يقال: إن هذه الأحاديث التي استدللنا بها أصح من هذا الحديث الذي لم يروه أحد من أهل الصحيحين، وهو كذلك مختلف في صحته كما تقدم ـ وليس صريحا ـ كذلك ـ في تحريمه.

ـ أما أهل القول الأول: فقد أجابوا على أهل القول الثاني: بأن قالوا: إن حديث عبد الله بن عكيم ناسخ للأحاديث، فإن في بعض رواياته: (قبل موته بشهر أو شهرين) .

والجواب على هذا: أن يقال: وما المانع أن تكون الأحاديث الأخرى قد وردت قبل شهرين دون ذلك فإنها ليس فيها التصريح بأنها كانت قبل هذه المدة التي قرأ فيها كتاب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في أرض جهينة.

إذن: الراجح ما ذهب إليه أهل القول الثاني من القول بأن جلود الميتة تطهر بالدباغ.

ـ فإذا ثبت لنا هذا، فاعلم أن الأصحّ أن هناك مذهبان هما أصح المذاهب فيمن قال بطهارة جلود الميتة بعد دباغها: