للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

١ـ القول الأول: أن جلد ما كان طاهر في الحياة فإنه يطهر بالدباغ سواء كان مأكول اللحم أم لم يكن مأكول اللحم.

فكل جلد لحيوان طاهر في الحياة سواء أكل لحمه كالأنعام أم لم يكن مأكول اللحم كالهر فإنه يطهر إذا دبغ وهذا القول رواية عن الإمام أحمد وقد اختارها بعض أصحابه.

وحكى صاحب الإنصاف أن شيخ الإسلام ابن تيمية اختار هذا القول أن جلد الميتة التي هي طاهرة مأكولة اللحم أم لم تكن مأكولة، وقد اختاره الشيخ محمد بن إبراهيم ـ وسيأتي بحث أهل العلم فيما يكون نجساً في الحياة.

٢ـ القول الثاني: أن الحيوانات التي يطهر جلدها إنما هي مأكولة اللحم فحسب.

فإذا كان الحيوان يؤكل لحمه فإن الدبغ يؤثر في جلده فيكون طاهراً، وهذا مذهب الليث وإسحاق والأوزاعي، وهو ما اختاره شيخ الإسلام كما في الفتاوي وكما في شرح العمدة، فعلى ذلك يكون ما ذكره صاحب الإنصاف من اختيار شيخ الاسلام للقول الأول فيه نظر، أو أن يكون المشهور عن شيخ الإسلام ابن تيمية هو هذا القول؛ لأن شيخ الاسلام شرح العمدة على طريقة المذهب وقد شرحه قبل أن يشتهر بالترجيح والاجتهاد وأما الفتاوى فهي بهد أن اشتهر بالإجتهاد.

فهذا إذن: هو قول شيخ الاسلام ابن تيمية، واختاره من المتأخرين الشيخ عبد الرحمن بن سعدي وطائفة من المعاصرين.

إذن عندنا قولان هما أصح الأقوال عند القائلين بطهارة الجلد بعد دباغها.

أما القول الأول: فهو أن الحيوان الطاهر في الحياة سواء أكل لحمه أم لم يؤكل فإنه يطهر.

واستدلوا: بعموم قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (إذا دبغ الإهاب فقد طهر) ، وأصرح منه عموماً: (أيما إهاب دبغ فقد طهر) .

وكذلك بقوله صلى الله عليه وسلم: (دباغ جلود الميتة طهورها) وقد أمر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن نستمتع بجلود الميتة إذا دبغت.

فهذه كلها عمومات تدل على أن كل حيوان يدبغ جلده فإن الجلد يطهر.