قال الإمام أحمد: ومن الاعتبار في ذلك لو أن رجلا كان في يده قدح من قوارير، وفيه شيء، كان نظر ابن آدم قد أحاط بالقدح من غير أن يكون ابن آدم في القدح، فالله سبحانه وله المثل الأعلى قد أحاط بجميع ما خلق علما من غير أن يكون في شيء مما خلق.
قال: مما تأولت الجهمية من قول الله تعالى: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ}[المجادلة: ٧] .
فقالوا: إن الله معنا وفينا، فقلنا لهم: قطعتم الخبر من أوله؛ لأن الله افتتح الخبر بعلمه وختمه بعلمه.
قال أحمد: وإذا أردت أن تعلم أن الجهمي كاذب على الله حين زعم أنه في كل مكان، ولا يكون في مكان دون مكان، فقل له: أليس شيئا؟ فيقول: نعم، فقل له: فحين خلق الشيء خلقه في نفسه أو خارجا عن نفسه، فإنه يصير إلى أحد ثلاثة أقاويل: إن زعم أن الله خلق الخلق في نفسه؛ كفر حين زعم أن الجن والإنس والشياطين وإبليس في نفسه. وإن قال: خلقهم خارجا عن نفسه ثم دخل فيهم؛ كفر أيضا حين زعم أنه دخل في كل مكان وحش قذر. وإن قال: خلقهم خارجا عن نفسه ثم لم يدخل فيهم؛ رجع عن قوله أجمع. وهو قول أهل السنة.
قال أحمد: وقلنا للجهمية: حين زعمتم أن الله في كل مكان أخبرونا