والشافعية، وأئمة أهل الكلام كابن كلاب والأشعري وأبي الحسن بن مهدي والباقلاني، ليعلم الواقف على ذلك أن هؤلاء الأئمة متبعون للسلف يثبتون لله الصفات، وينفون عنه مشابهة المخلوقات، ويعرف أن هذا الاعتقاد الذي حكيناه عن شيخنا محمد بن عبد الوهاب وأتباعه هو الاعتقاد الحق الذي دل عليه الكتاب والسنة وكلام الصحابة وسائر الأمة.
فنحن لا نصف الله إلا بما وصف به نفسه، أو وصفه به رسوله، لا نتجاوز القرآن والحديث، وما تأوله السابقون الأولون تأولناه، وما أمسكوا عنه أمسكنا عنه، ونعلم أن الله سبحانه ليس كمثله شيء، لا في ذاته، ولا في صفاته، ولا في أفعاله، فكما نتيقن أن الله سبحانه له ذات حقيقة، وله أفعال حقيقة، فكذلك له صفات حقيقة، وليس كمثله شيء، وكل ما أوجب نقصا أو حدوثا فإن الله منزه عنه حقيقة فإنه سبحانه مستحق للكمال الذي لا غاية فوقه، ويمتنع الحدوث لامتناع العدم عليه، فلا نمثل صفات الله بصفات الخلق، كما أنا لا نمثل ذاته بذات الخلق، ولا ننفي عنه ما وصف به نفسه، ولا نعطل أسماءه الحسنى وصفاته العلا، بخلاف ما عليه أهل التعطيل والتمثيل.
فالمعطلون لم يفهموا من صفات الله إلا ما هو اللائق بالمخلوق، فشرعوا في نفي تلك المفهومات بأنواع التأويل، فعطلوا حقائق الأسماء والصفات، وشبهوا الرب تبارك وتعالى بالجمادات العارية عن صفات الكمال، ونعوت الجلال، فجمعوا بين التعطيل والتمثيل، عطلوا أولا ومثلوا آخرا.