(ج) أما قوله: "حفاة عراة بهما" فأراد أنهم يحشرون يوم القيامة قد تخلوا مما كانوا يغالون في الحرص عليه في الدنيا، من الأموال، والممتلكات، حتى الأكسية والأحذية، وأصل (البهم) السواد، ومنه الكلب البهيم، وهو خالص السواد. قيل: ليس في ألوانهم ما يغيرها. وقيل: سالمين من عاهات الدنيا، من عمى، أو عرج، ونحوهما؟ وقيل: أصحاء، وقيل: لا شيء معهم، ولعل ذلك لتقريب شبههم بالبهائم التي لا تملك شيئا، أو لا تنطق، حيث أنهم لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن؟ قال تعالى:{فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا} .
(د) فأما الأثر المذكور في قصة موسى فهو من الإسرائيليات، وهي لا تصدق ولا تكذب إلا بدليل. وقصة رؤيته النار مذكورة في القرآن، كقوله تعالى {إِذْ رَأَى نَارًا فَقَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا} وأما كونها هالته فلعل ذلك بعد ما قرب منها، ورآها توقد في شجرة خضراء، ودلالة الأثر في قوله:"أسمع صوتك". وقوله: أفكلامك أسمع أم كلام رسولك؟ قال: بل كلامي. فدل على أن كلام الله بصوت مسموع.
أما قوله:"أنا فوقك ووراءك ... إلخ" فالمراد أنه تعالى محيط بالعبد في كل حالاته، ومن جميع جهاته، وهذا لا ينافي علوه وفوقيته تعالى كما سبق.