والخلاف في تقديري نظري؛ لأن القرآن الكريم المكي منه والمدني نزل بحروفه المختلفة التي يسرها الله للذكر، غير أن الحاجة لم تظهر لاستخدامها في مكة، وأصبحت ملحة بعد الهجرة والحديث الشريف ليس فيه ما يقطع بأن الحروف تنزل لأول مرة بل كل ما فيه هو الإذن باستخدامها؛ ولأن السور المكية فيها الحروف المختلفة التي في السور المدنية، بدليل أن أول خلاف نشأ بين الصحابة وهو خلاف عمر بن الخطاب، وهشام بن حكيم كان حول سورة الفرقان وهي مكية.
التدوين في علم القراءات:
على امتداد القرنين الأول والثاني تعددت القراءات وانتشر القراء في الأمصار الإسلامية، ثم أحكمت حركة القراءة والإقراء -كما بينا- في العالم على مرحلتين:
أ- مرحلة نسخ المصاحف العثمانية.
ب- ثم مرحلة التسبيع التي تعني اختيار أئمة مشهورين يرجع إليهم، وهي المرحلة التي قادها ابن مجاهد وأصبح الأمر بعد هذا مهيئًا للتدوين في هذا العلم.
وأكبر الظن أن بداية التدوين في القراءات كانت مع القرن الثالث.
ويتجه الباحثون إلى أن أول إمام يعتد به دون في هذا العلم هو الإمام أبو عبيد القاسم بن سلام، المتوفى سنة ٢٢٤هـ، حيث جمع فيه قراءة خمسة وعشرين قارئًا. قال ابن الجزري: لما كانت المائة الثالثة، واتسع الخرق، وقل الضبط، وكان علم الكتاب، والسنة أوفر ما كان في ذلك العصر. تصدى بعض الأئمة لضبط ما رواه من القراءة، فكان أول إمام معتبر جمع القراءات في كتاب واحد أبو عبيد القاسم بن سلام،