للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الشرط الأول: السند المتواتر]

يرى جمهور العلماء من الأصوليين، وفقهاء المذاهب الأربعة، والمحدثين، والقراء أن شرط القراءة الصحيحة هو التواتر، ولا تثبت بالسند الصحيح غير المتواتر.

والقراءة التي تكتب بسند غير متواتر لا تسمى قرآنًا ولا يقرأ بها؛ لأن من تعريف العلماء للقرآن قولهم: "المنقول إلينا بالتواتر"١.

والتواتر: هو نقل جماعة عن جماعة تحيل العادة تواطؤهم على الكذب من أول السند إلى منتهاه٢.

يقول النويري: عدم اشتراط التواتر قول حادث مخالف لإجماع الفقهاء والمحدثين، وغيرهم لأن القرآن -عند الجمهور من أئمة المذاهب الأربعة هو ما نقل بين دفتي المصحف نقلًا متواترًا، وكل من قال بهذا الحد اشترط التواتر، كما قال ابن الحاجب، وحينئذ فلا بد من التواتر عند الأئمة الأربعة، صرح بذلك جماعات كابن عبد البر، وابن عطية، والنووي، والزركشي، والسبكي، والإسنوي، والأذرعي، وعلى ذلك أجمع القراء، ولم يخالف من المتأخرين إلا مكي، وتبعه بعضهم٣.

ومن عبارة النويري التي نقلها الدمياطي ما يفيد أن بعض القراء المتأخرين ومنهم مكي ومن تبعه لا يشترطون التواتر مثل ابن الجزري.

وفي تقديري أن نسبة هذا القول لمكي، وعده من المتأخرين حكم غير دقيق.

وكذلك الأمر بالنسبة لابن الجزري الذي هو من المتأخرين فعلًا توفي ٨٣٣ هـ.

أما مكي فقد عاش النصف الثاني من القرن الرابع، وأدرك الثلث الأول من القرن الخامس "٣٥٥- ٤٣٧" وهو أبعد ما يكون عما نسب إليه لأمور:


١ إرشاد الفحول للشوكاني ص٢٩.
٢ الكفاية في علم الرواية للبغدادي ص٥٠.
٣ إتحاف فضلاء البشر ص٦.

<<  <   >  >>