وراء اختلاف الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن الكريم، ووعتها قراءاته المتنوعة فوائد كثيرة، وحكم بالغة.
أولها: تيسير القراءة على الفراء.
يقول مكي بن أبي طالب في شرح هذا الجانب: وكانت لغات من أنز عليهم القرآن مختلفة ولسان كل صاحب لغة لا يقدر على رده إلى لغة أخرى إلا بعد تكلف ومئونة شديدة، فيسر الله عليهم أن أنزل كتابه على سبع لغات متفرقات١ في القرآن بمعانٍ متفقة ومختلفة ليقرأ كل قوة على لغتهم على ما يسهل عليهم من لغة غيرهم، وعلى ما جرت به عادتهم، فقوم جرت عادتهم بالهمز وقوم بالتخفيف، وقوم بالفتح، وقوة بالإمالة، وكذلك الإعراب واختلافه في لغتهم٢.
فاختلاف الأحرف -إذن- بهذه الصورة يسر على القارئين أسباب القراءة برغم اختلاف لغاتهم.
ثانيها: فيها برهان عظيم على سمو بلاغة القرآن، ومنزلته في الإيجاز؛ إذا يترتب على ذلك سعة الوعاء المعنوي للآية، فتحمل معاني عدة متآخية، كما تدعم أحكامًا متعددة تفهم من الآية.
ثالثها: سهولة الحفظ، وتيسير النقل؛ لأن حفظ كلمة ذات وجوه في الأداء أيسر من حفظ جمل من الكلام تؤدي معاني تلك القراءات.
رابعها: في تعدد القراءات آية بالغة وبرهان قاطع على صدق
١ هذا هو تفسير مكي للحروف السبعة، وإن كان كلامه في تيسير القراءات يوحي بما أشرنا إليه من صلاحية كل الآراء في تفسير الحديث ما عدا الرأي القائل بأنها القراءات السبع.