كتبت في عهد عثمان، وكتبت بدون نقط أو شكل، وهو المتبع في الكتابة العربية في هذا الطور، ولم يتم النقط أو الشكل إلا في النصف الأخيرة من القرن الأول للهجرة.
ولو كان تسيهر درس الأمر دراسة واعية ما وقف هذا الموقف المتردد؟ إذ لم يقل أحد من الباحثين القدماء منهم أو المحدثين إن المصحف الإمام كتب بشكل وبنقط لم يتحرَ الدقة فيهما، فلم يكن النقط والشكل حينذاك قد عرفا بعد.
أما وصفه النص القرآني بأنه لا نظير له في الاضطراب فقد خالفه الصواب تمامًا، وكشف بمقالته عن جهل واضح أو تعصب فاضح.
فما مظاهر الاضطراب التي رأها؟ أهي القراءات القرآنية؟ إنه لو ألقى عليها نظرة واعية لعلم حقيقة هذه الاختلافات بين القراءات وأنها اختلاف تنوع وتغاير لا اختلاف اضطراب وتناقض، وأن محصلة هذه القراءات واحدة، بل إن لها ثمارًا تشريعية ولغوية وبلاغية تبرز جوانب العظمة في الآية القرآنية التي أفحمت أساطين الفصاحة والبيان.
وإذا كان هذا الاضطراب قد وقع في هذا العهد الباكر، والقرآن الكريم غضًّا، ولم يمض على نهاية نزوله أكثر من عشرين عامًا فما بالنا في العالم الإسلامي لا نجد هذا الاضطراب ولا نحسه، بل إن النظرة العلمية للقراءات عند علماء الألسنة المتجردين من الهوى لا تتعدى كونها صورًا متنوعة ومتناسقة للسان يملك إمكانات قوية ومتعددة في التعبير؟!!
إنه كان من المتوقع لو كان هناك اضطراب كما تصوره "جولد تسيهر" في هذا العصر لكان ينبغي أن يكون الاضطراب الآن بعيد المدى، عميق الأثر بصورة تضيع معها معالم النص الصحيح.