وحجة من جزم أنه عطف على موضع "فَأَصَّدَّقَ"؛ لأن موضعه قبل دخول الفاء فيه جزم؛ لأنه جواب التمني، وجواب التمني إذا كان بغير فاء ولا واو مجزوم؛ لأنه غير واجب، ففيه مضارعة للشرط وجوابه، فلذلك كان مجزومًا، كما يجزم جواب الشرط، ويعطف عليه بالجزم كقراءة من قرأ:"مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ وَيَذَرْهُم" لما كان "فلا هادي له" في موضع فعل مجزوم، حمل:"يذرهم" عليه، وكأن الأصل في الآية:"لولا أخرتني أتصدقْ وأكن" كما قال الشاعر١:
فأبلوني بليتكم لعلي ... أصالحكم وأستدرج نويا
ففي هذا البيت جزم "استدرجْ" عطفًا على موضع "أصالحكم" قبل دخول لعل عليه ومعناه: فأبلوني بليتكم أصالحكم.
١ نسبة ابن جني في الخصائص إلى أبي داود، ونسبة ابن هشام في المغني ج٢ ص٩٧ إلى الهذلي.. وأبلوني: أعطوني. والبلية: الناقة تعقل على قبر صاحبها الميت بلا طعام، ولا شراب حتى تموت، ونوي: بفتح الواو كهوي، وأصله: نواي كعصاي قلبت الألف ياء على لغة هذيل. انظر الخصائص ج١ ص١٧٦، ومعاني القرآن ج١ ص٨٨.