للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أي الأنواع الثلاثة أفضل؟:

ذهب بعضهم إلى أن كثرة القراءة أفضل، ومعنى هذا أنهم، يؤثرون الحدر على التحقيق محتجين بحديث ابن مسعود قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "من قرأ حرفًا من كتاب الله فله حسنة, الحسنة بعشر أمثالها" ١، كما ذكروا آثارًا كثيرة عن السلف في كثرة القراءة.

والذي عليه معظم السلف والخلف أن الترتيل والتدبر مع قلة القراءة أفضل من السرعة مع كثرتها؛ لأن المقصود من القرآن الكريم فهمه وتدبره، والتفقه فيه، والعمل به، كما قال تعالى: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آَيَاتِهِ} ٢، والتلاوة والحفظ وسيلة إلى فهم المعنى، الذي يلزم المسلم بالعمل والتنفيذ.

وقراءة التحقيق أدنى هذه الأنماط الثلاثة إلى الترتيل.

وإذا نظرنا إلى خصائص قراءة النبي -صلى الله عليه وسلم- التي استنتجناها آنفًا نراها أقرب إلى قراءة التحقيق أيضًا؛ إذ تتجه إلى إيضاح المعنى وإبرازه.

وحديث ابن مسعود ليس فيه حث على الإسراع، وإنما فيه بيان للثواب العظيم في القراءة، والذي يضاعفه الله للقارئ المحسن القراءة، المستفيد منها في عمله وسلوكه.

وسئل مجاهد عن رجلين قرأ أحدهما البقرة، والآخر البقرة وآل عمران في الصلاة، وركوعهما، وسجودهما واحد؟ فقال: الذي قرأ البقرة وحدها أفضل٣.


١ رواه الترمذي وصححه، ورواه غيره "بكل حرف عشر حسنات".
٢ سورة ص: ٢٩.
٣ النشر ج٢ ص٢٩٧.

<<  <   >  >>