للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عليها؟ قد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرسل كتبه إلى الآفاق ويعتمد عليها؛ غير أن الاعتماد عليها بمجردها أو مع ما انضمت إليه من الرسول الحامل لها والقرائن الدالة على مضمونها هذا موضع النظر.

وبين الشافعي رضي الله عنه وإسحاق بن راهويه مناظرة في ذلك -حكاه البيهقي وغيره- مضمونها: أن الشافعي حكم بأن جلد الميتة بطهر بالدباغ فطالبه إسحاق بالدليل؛ فقال: حديث ميمونة: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: هلا انتفعتم بإهابها١.

فاعترضه إسحاق بحديث ابن عكيم٢: كتب إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل موته بشهر -أن لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب٣، وقال: هذا يشبه أن يكون ناسخا لحديث ميمونة؛ لأنه قبل وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بشهر.

قال الشافعي: هذا كتاب، وذاك سماع.

فقال إسحاق: إن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إلى كسرى وقيصر٤ وكتبه حجة عليهم عند الله، فسكت الشافعي.


١ أخرجه البخاري ٣/ ٣٥٥ في كتاب الزكاة/ باب الصدقة على موالي أزواج النبي صلى الله عليه وسلم حديث "١٤٩٢"، وفي ٤/ ٤١٣ في البيوع/ باب جلود الميتة قبل أن تدبغ الحديث "٢٢٢١" ومسلم ١/ ٢٧٦ في كتاب الحيض/ باب طهارة جلود الميتة بالدباغ "١٠٠/ ٣٦٣".
٢ عبد الله بن عكيم بضم أوله وفتح الكاف أبو معيد الكوفي مخضرم عن أبي بكر وعمر عنه ابن أبي ليلى والقاسم بن مخيمرة، مات في إمارة الحجاج.
٣ أخرجه أبو داود في السنن ٤/ ٦٧ في كتاب اللباس باب من روى أن لا ينتفع بإهاب الميتة حديث "٤١٢٧"، "٤١٢٨" والترمذي ٤/ ٢٢٢ في اللباس باب ما جاء في جلود الميتة إذا دبغت حديث ١٧٢٩ وقال حديث حسن.
وأخرجه النسائي ٧/ ١٧٥ في كتاب الفرع والعتيرة/ باب ما يدبغ به جلود الميتة وابن ماجة ٢/ ١١٩٤
٤ فعن ابن عباس: "أن النبي -صلى الله عليه وسلم كتب إلى قيصر يدعوه إلى الإسلام وبعث بكتابه إليه دحية الكلبي وأمره أن يدفعه إلى عظيم بصري ليدفعه إلى قيصر فإذا فيه: بسم الله الرحمن الرحيم من محمد عبد الله ورسوله إلى هرقل عظيم الروم سلام على من اتبع الهدى، أما بعد: فإني أدعوك بداعية الإسلام أسلم تسلم وأسلم يؤتك الله أجرك مرتين فإن توليت فعليك إثم الأريسيين و {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} متفق عليه أخرجه البخاري في الصحيح ١/ ٣١ – كتاب بدء الوحي أخرجه مسلم في الصحيح ٣/ ١٣٩٣-١٣٩٧ كتاب الجهاد والسير باب كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى هرقل واللفظ له الحديث "٧". وقال أنس أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى كسرى وإلى قيصر وإلى النجاشي وإلى كل جبار يدعوهم إلى الله وليس بالنجاشي الذي صلى عليه النبي –صلى الله عليه وسلم أخرجه مسلم في الصحيح ٣/ ١٣٩٧ كتاب الجهاد والسير "٣٢" باب كتب النبي صلى الله عليه وسلم "٢٧" الحديث "٧٥/ ١٧٧٤".