للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قيل: وكانت المناظرة، بمحضر أحمد بن حنبل فمن ثم رجع إلى حديث ابن عكيم وأفتى به، ورجع إسحاق إلى حديث الشافعي.

اعلم: أن حجة الشافعي باقية؛ فإن هذا الكتاب عارضه سماع، ولم يتيقن أنه مسبوق بالسماع، وإنما ظن ذلك ظنا لقرب التاريخ، فأنى ينهض بالنسخ. أما كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى كسرى وقيصر فلم يعارضها شيء بل عضدتها القرائن وساعدها التواتر الدال على أن هذا النبي صلى الله عليه وسلم جاء بالدعوة إلى ما في هذا الكتاب، ولعل السكوت من الشافعي تسجيل على إسحاق بأن اعتراضه فاسد الوضع فلم يستحق عنده جوابا ورب سكوت أبلغ من نطق ومن ثم رجع إليه إسحاق؛ وإلا فلو كان السكوت لقيام الحجة لأكد ذلك ما عند إسحاق إذا عرفت ذلك ففي الخط مسائل:

منها: أصح الوجهين عند الرافعي في باب القضاء أن الراوي يعتمد الخط المحفوظ.

ومنها: أصح الوجهين أن الشاهد لا يعتمده، والحاكم أولى.

ومنها: يجوز خلف الولد على أخط أبيه عند غلبة الظن.

ومنها: عمل الناس اليوم على النقل من الكتب ونسبة ما فيها إلى مصنفيها وقال ابن الصلاح١: لا يقول: قال فلان إلا إذا وثق بصحة النسخة وإلا فليقل: بلغني عن فلان.

قلت: ومن ثم بعث القاضي بكار٢ شاهدين إلى المزني ليشهدا عليه أن هذا


١ هو الشيخ تقي الدين أبو عمر وعثمان بن عبد الرحمن الكردي الشهرزوري المعروف بابن الصلاح كان إماما في الفقه والحديث عارفا بالتفسير والأصول والنحو ورعا زاهدا وكان والد شيخ دمشق فتفقه هو عليه، ثم رحل إلى الموصل ولازم عماد الدين بن يونس مدة، ثم رحل إلى عراق العجم فلازم الرافعي حتى برع في العلم، توفي صبيحة يوم الأربعاء الخامس والعشرين من شهر ربيع الآخر سنة ثلاث وأربعين وستمائة وفيات الأعيان ٢/ ٤٠٨، طبقات ابن السبكي ٥/ ١٣٧، مفتاح السعادة ١/ ٣٩٧ ابن هداية الله.
٢ هو الحافظ بكار بن قتيبة الثقفي حنفي المذهب وتولى القضاء في مصر وتوفي داخل السجن مرآة الجنان ٢/ ٢٨٥.