للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إحداها: وجوب غرة ولا يقال بالتسوية بينه وبين الجنين المسلم؛ لأنه لا سبيل إلى الإهدار ولا إلى تجزئة الغرة.

وثانيها: لا يجب شيء لامتناع التسوية بين المسلم والكافر وامتناع التجزئة. وهذان الوجهان على معتقد الرافعي ناشئان عن اعتقاد عدم التجزئة وأصحها: أنه يجب ثلث ما يجب في الجنين المسلم.

وقد اتضح غرضنا بذكر هذه المسألة، وإن كانت في الرافعي غير محررة، ولأن الوجه الأول غير معروف في المذهب، وغالب الظن أنه وهم في الرافعي من وجه حكاه الإمام في النهاية. أنه يجب عبد ناقص القيمة نسبته غلى دية الكافر كنسبة خمس من الإبل إلى دية المسلم؛ فالتسوية واقعة في وجوب أصل العبد، لا في استواء العبدين؛ فلا قائل بأن الغرة الواجبة في المسلم تساوي الواجبة في الكافر.

وكذلك الثاني؛ إذ لا يعرف قائل بإهدار الجنين الكافر وإنما هو وهم في الرافعي من وجه حكاه الإمام أيضا عن المراوزة أن الغرة لا مدخل لها في الجنين الكافر فلا يجب فيه عبد ولا جزء من عبد.

وليس مراد الإمام أنه لا يجب شيء أصلا؛ بل لا يجب غرة، وتجب عشر دية الأم كما صرح به الإمام في النهاية قبل هذه العبارة الموهمة بنحو أربعة أسطر.

ولكن الغزالي لما رأى الإمام، لا مدخل للغرة في جنين الكافر -توهم أنه لا يجب شيء فأطلق العبارة في ذلك، فتبعه الرافعي.

نبه على هذا الموضع -في الرافعي- الشيخ برهان [الدين] ١ ابن الفركاح -رحمه الله- وأطال في ذلك [في] ٢ تعليقه على التنبيه.

قاعدة: الاحتياط أن نجعل المعدوم كالموجود والموهوم كالمحقق وما يرى على بعض الوجوه لا يرى إلا على كلها.

وقد اتفق لي مرة الاستدلال على هذه القاعدة بقوله تعالى: {اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ} ٣ فلا يخفى أنه أمر باجتناب بعض ما ليس بإثم خشية من الوقوع فيما هو إثم؛ وذلك هو الاحتياط، وهو استنباط جيد. مثال جعل المعدوم


١ سقط في ب.
٢ سقط في ب.
٣ الحجرات آية ١٢.