للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على الترك قول لم يقل به أحد، إن الأئمة كما ترى بين قائل بالإباحة. وقائل بالتحريم فمن أين الأفضلية.

وأنا أجيب عن هذا بأن أفضليته ليست لثبوت سنة خاصة فيه بل لعموم الاحتياط والاستبراء للدين، وهو مطلوب شرعا مطلقا؛ فكان القول بأن الخروج أفضل ثابت من حيث العموم، واعتماده من الورع المطلوب شرعا فمن ترك لعب الشطرنج معتقدا حله خشية من غائلة التحريم فقد أحسن وتورع إذا عرفت هذا فأقول: ليس الخروج من الخلاف أولى مطلقا، بل بشرطين أحدهما: أن لا يؤدي الخروج منه إلى محذور شرعي من ترك سنة ثابتة أو اقتحاما أمر مكروه أو نحو ذلك ومن ثم مسائل.

منها: فصل الوتر أفضل من وصله لحديث "ولا تشبهوا بالمغرب"١ ومنع أبو حنيفة فصله وفي وجه عندنا أن الوصل أفضل للخروج من خلافه لكنه ضعيف لكونه يتوقف على أن يكون بقية العلماء يجيزون الوصل؛ وإلا فلا يحصل الخروج من الخلاف مطلقا، وبتقدير تجويزهم لا يلزم لأن الوصل يلزم منه ترك سنة ثابتة.

الشرط الثاني: أن يقوى مدرك الخلاف، فإن ضعف ونأى عن مأخذ الشرع كان معدودا من الهفوات والسقطات. لا من الخلافيات المجتهدات وسيكون لنا كلام على هذا الشرط في قاعدة من علم حرمة شيء وجهل وجوب الحد فيه -الآتية- إن شاء الله تعالى في قواعد ربع الجنايات.

وهناك تنبيه على أنه لا نظر إلى القائلين من المجتهدين٢ بل إلى أقوالهم ومداركها قوة وضعفا، ونعني بالقوة ما يوجب وقوف الذهن عندها وتعلق ذي الفطنة بسبيلها لانتهاض الحجة بها؛ فإن الحجة لو انتهضت بها لما كنا مخالفين لها.

إذا عرفت هذا فمن قوي مدركه اعتد بخلافه وإن كانت مرتبته [في الاجتهاد] ٣


١ والحديث من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أوتروا بخمس أو بسبع أو تسع أو بإحدى عشرة".
الدارقطني وابن حبان والحاكم، وقال الحافظ في التلخيص ٢/ ١٥ ورجاله ثقات ولا يضره وقف من أوقفه.
٢ ولذلك لا ينظر لخلاف عطاء في عدم وجوب الحد على المرتهن بوطئه المرهونة وعطاء من سادات العلماء.
٣ سقط من أوالمثبت من ب.