للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

دون مرتبة مخالفة ومن ضعف مدركه لم يعتد بخلافه وإن كانت مرتبته أرفع وربما قوي مدرك بعضهم في بعض المسائل دون بعض؛ بل هذا لا يخلو عنه مجتهد.

تنبيه: قوة المدرك وضعفه مما لا ينتهي إلى الإحاطة به إلا الأفراد، وقد يظهر الضعف أو القوة بأدنى تأمل، وقد يحتاج إلى تأمل وفكر، ولا بد أن يقع هنا خلاف في الاعتداد به ناشئا عن المدرك قوي أو ضعيف.

[مثاله] ١: ما يظهر ضعفه: إعارة الجواري للوطء. كما سنتكلم عليه في ربع الجنايات وكذلك ما ذهب إليه ما ذهب إليه داود من قوله في التغوط في الماء الراكد، وقوله "لا ربا إلا في النسيئة" المنصوصة وكثير من أقوال شاذة منقولة عن كثير من المجتهدين ومثال ما تردد النظر في قوته وضعفه: الصوم في السفر؛ فإن داود قال: إنه لا يصح، ومن ثم اختلف أنه هل الأفضل الفطر مطلقا خروجا من خلافه، والراجح في مذهبنا أن الأفضل الفطر لمنخ يتضرر بالصوم والصوم لمن لا يتضرر به. وزعم إمام الحرمين -هنا- أن المحققين لا يقيمون لخلاف أهل الظاهر وزنا وقد تكلمت على هذا في الطبقات الكبرى في ترجمة داود، وبينت كلام أئمتنا في خلاف داود وأن الصواب الاعتداد بخلافه عند قوة مأخذه كغيره.

فصل:

فإن قوى المدرك اعتد بالخلاف، ومن ثم قصر الصلاة للمسافر أفضل لقول من أوجبه. وترك الجمع أفضل لقول من منعه وكتابة العبد القوي الكسوب سنة لأن داود أوجبها.

وقع هنا للقاضي الحسين كلام موهم -نقله عن ابن الرفعة بعبارة تزيده إيهاما؛ ففهمه الطلبة فهما يزيد على مدلوله، فصار -كما قلت- غلط على غلط ومن يغلط ويرجى حين يدري يعذر.

وهو أن ابن الرفعة في صلاة المسافر حكى قول الإمام: أن المحققين لا يقيمون لخلاف أهل [الظاهر] ٢ وزنا، ثم قال: وفيه [نظر] ٣ فإن القاضي الحسين نقل عن الشافعي أنه قال في الكتابة: لا أمتنع عن كتابة العبد عند جمع القوة والأمانة [وإنما


١ في ب مثال.
٢ في ب الظاهرية.
٣ سقط من ب.