الثواب فهل يبطل لتناقضه؟ أو يصح ويكون هبة اعتبارا باللفظ؟ أو بيعا اعتبارا بالمعنى؟ الأصح الثالث.
وعبر صاحب التتمة والبحر عن المسألة بأن يقول: وهبتك بألف أو هذا لك بألف.
فإما وهبتك بألف فظاهر وأما هذا لك بألف؛ فلم أجده في غير كلامهما والذي يظهر أن هذا لا تعارض فيه بين اللفظ والمعنى؛ فإن لفظ هذا لك صالح لأن يكون بطريق البيع كصلاحيته لأن يكون بالهبة وقوله بعده:"بألف" صريح في معنى البيع.
فالذي يظهر القطع بأن هذا بيعن غير أن لفظه هذا يحتمل أن يكون كناية في البيع؛ فلا يطرق هذا خلاف في كونه بيعا إلا من قبل الخلاف في انعقاده بالكنايات.
ومنها بعتك بلا ثمن أو لا ثمن لي عليك؛ فقال: اشتريت وقبضه فليس بيعا، وفي انعقاده هبة قولا تعارض اللفظ والمعنى، وفي كونه مضمونا على القابض وجهان ذكره الرافعي في باب السلم وحذف الوالد رحمه الله في "شرح المنهاج" صورة ولا ثمن لي عليك.
قلت: ويظهر أن التهافت في بلا ثمن أقوى منه في ولا ثمن لي عليك؛ فإن جعل في الأولى عدم الثمن عوضا، وعدم الثمن لا يكون عوضا؛ بخلاف ولا ثمن لي عليك، فإن غايته نفي الثمن لا جعل النفي عوضا.
ولو قال قائل: هذا الجار والمجرور وحده تهافت، لا قضية أن عدم الثمن ثمن، لم يبعد.
واقتصر الإمام في "النهاية" قبيل كتاب السلم على تصوير المسألة بأن يقول: على أن لا ثمن لي عليك.
وهذه صيغة ثالثة يظهر أنها بين الصيغتين؛ فهي فوق قوله: ولا ثمن لي عليك، للتصريح باشتراط نفي الثمن ودون بلا ثمن، لما في تلك من جعل عدم الثمن ثمنا.
ولك هنا أن تبحث عن أن المفسد في قولنا: بلا ثمن هل هو نفي الثمن أو عدم ذكره؟
وبأرشق من هذه العبارة هل عدم ذكر الثمن أو ذكر عدم الثمن بحثا ينبني عليه الفروع عقيبه؟