ومنها: إذ قال: بعتك ولم يتعرض للثمن بنفي ولا إثبات؛ فيظهر.
إن قلنا: المفسدة -في الفروع قبله- عدم الثمن [لأن] الفساد فيه وفي هذا سواء.
وإن قلنا: المفسد جعل العدم ثمنا؛ ففساد هذا دون فساد ذاك، مع اشتراك الكل في الفساد.
فإن قلت: لا ضرورة لي -مع اشتراكهما في الفساد- إلى هذا التدقيق لانتفاء الجدوى فيه.
قلت: له فائدة؛ فإنا إن قلنا: هما في الفساد سواء؛ فيظهر أن يتخرج في كونه هبة الخلاف الأول بعينه، وبذلك صرح صاحب التتمة فقال: إذا بعتك -ولم يذكر ثمنا- فإن راعينا المعنى انعقد هبة، وإن راعينا اللفظ فهو بيع فاسد، ويظهر أن يجري الخلاف فيه في الضمان كما يجري في الأول، وإن قلنا: الأول أفسد ونعني بكونه أفسد أن انتفاء صفة البيع عنه أوضح، وثبوت الهبة أولى.
وهذه طريقة الإمام في "النهاية"، وتبعه الرافعي فقال: بعدما حكى في بعتك بلا ثمن هل يكون هبة؟ قولين، وهل يكون مضمونا؟ وجهين:
ما نصه: ولو قال بعت هذا -ولم يتعرض للثمن أصلا- لم يكن ذلك تمليكا، والمقبوض مضمون، ومنهم من طرد فيه الوجهين. انتهى.
وصرح الإمام -في النهاية- بالاتفاق على أن لا يكون تمليكا. إذا عرفت هذا فلا خلاف عندهما في أن عدم التعرض للثمن لا يقتضي تمليكا كما لا يقتضي بيعا؛ بخلاف نفيه.
وبهذا يعلم أن قول النووي في "الروضة" في بعتك -مجردا- ليس تمليكا على المذهب -مستدرك- فإنه إن أشار بقوله: إلى خلاف فليس الخلاف في الرافعي، ولا تقتضيه طريقته؛ لأنها تقتضي التفرقة بين بعتك -المطلق- وبعتك المقيد بنفي الثمن.
وأما صاحب التتمة فحكى الخلاف لما اقتضته طريقته من استواء الصورتين. والفرق يؤخذ مما ذكره الإمام من أنه إذا نفي الثمن فقد رضي بحظه، وهذه قرينة الهبة، ومن ثم جرى الوجهان في أنه هل يكون مضمونا على قابضه.
فمن قائل بالضمان، لأنه في حكم بيع فاسد، ومن قائل بعدمه ووجهه الإمام بأن