للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

"وخيرهما الذي يبدأ صاحبه بالسلام١.

وحكى القاضي حسين في "التعليقة" وجهين في أن الابتداء أفضل أو الجواب، كذا نقل الشيخ برهان الدين في باب صفة الصلاة.

والثالث: قال ابن عبد السلام: صلاة نافلة واحدة أفضل من إحدى الخمس الواجب فعلها على من ترك واحدة منها ونسي عينها.

فأما الأول: فكنت أسمع الشيخ الإمام -رحمه الله- يقول: في الانفصال عنه الإبراء يشتمل على الإنظار اشتمال الأخص على الأعم لكونه تأخيرا للمطالبة فلم يفضل ندب واجبا؛ وإنما فضل واجب -وهو الإنظار الذي تضمنه الإبراء. وزيادة وهو خصوص الإبراء- واجبا آخر. وهو مجرد الإنظار.

وقد يقال: الإنظار هو تأخير الطلب مع بقاء العلقة والإبراء زوال العلقة وهما قسمان لا يشمل أحدهما الآخر؛ فينبغي أن يقال في التقرير: إن الإبراء محصل لمقصود الإنظار وزيادة.

وهذا كله بتقدير تسليم أن الإبراء أفضل، وغاية ما استدل عليه. بقوله تعالى: {وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ} وهذا يحتمل أن يكون افتتاح كلام فلا يكون دليلا على أن الإبراء أفضل.

ويتطرق من هذا إلى أن الإنظار أفضل، لشدة ما يناله المنظر من ألم الصبر مع شوق القلب، وهذا فضل ليس في الإبراء الذي انقطع فيه اليأس؛ فحصلت فيه واحدة من الحيثية ليست في الإنظار، ومن ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من أنظر معسرا كان له بكل


١ متفق عليه من رواية أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أخرجه البخاري ١٠/ ٤٩٢ في كتاب الأدب باب الهجرة حديث "٦٠٧٧" ومسلم ٤/ ١٩٨٤ في كتاب البر/ باب تحريم الهجر حديث ٢٥/ ٢٥٦٠.
وحديث أبي أمامة أيضا مشيرا إلى هذا، قال صلى الله عليه وسلم: "إن أولى الناس بالله من بدأ بالسلام". أخرجه أحمد في المسند ٥/ ٢٥٤ ضمن مسند أبي أمامة رضي الله عنه وأبو داود في السنن ٤/ ٤٥١ في الأدب/ باب فضل من بدأ السلام "٥١٩٧" والترمذي ٥/ ٥٦ في كتاب الاستئذان باب فضل الذي يبدأ بالسلام "٢٦٩٤"، وقال هنا حديث، قال محمد أبو فروة الرهاوي مقارب الحديث إلا أن ابنه محمد بن يزيد يروي عنه مناكير.