للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يوم صدقة"؛ فانظر كيف وزع أجره على الأيام تكثر بكثرتها، وتقل بقلتها -ولعل سره ما أبديناه، فالمنظر كل يوم ينال عوضا جديدا، ولا يخفى أن هذا لا يقع بالإبراء؛ فإن أجره- وإن كان أوفر- يستعقبه وينتهي بنهاية. ولست أستطيع أن أقول: الإنظار أفضل على الإطلاق؛ وإنما قلت ما قلت على حد سبق درهم دينارا أو سبق درهم مائة ألف كما سأبحث عنه إن شاء الله تعالى فينظر إلى ما حررته من البحث فإنه محتاج إلى مزيد تحرير.

وأما الابتداء السلام؛ فليس في الحديث أن الابتداء خير من الجواب، بل إن المبتديء خير من المجيب، وهذا لأن المبتديء فعل حسنة وتسبب إلى فعل حسنة وهي الجواب مع ما دل عليه الابتداء من حسن طوبة المتبدئ وترك ما يكرهه الشارع من الهجر والجفاء؛ فإن الحديث ورد في المسلمين يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا فكان المبتديء خيرا من حيث إنه مبتديء ترك ما كرهه الشارع من التقاطع لا من حيث إنه مسلم. واعلم أن للقرافي في كتاب الفروق كلاما على هذه القاعدة يقبل المؤاخذة.

فمنه: أنه اعترض على تقدم الواجب على المندوب بجمع [المطر] ١.

قال فإنه يلزم منه تقديم المندوب فإن المندوب الجماعة فسقط من أجلها الوقت الواجب رعاية لتحصلها وكذلك الجمع بعرفة ثم قال المندوب قسمان ما قصرت مصلحته عن الواجب وهو الغالب وما كانت مصلحته أعظم كالتصدق بدينار أعظم أجرا من التصدق بدرهم، وقد يستوي مصلحتهما فيكون الواجب أكثر ثوابا كالفاتحة في الصلاة وخارجها، ودينار الزكاة أعظم من دينار الصدقة، ثم قال: والمندوبات التي قدمها الشارع على الواجبات فسبع صور إبراء المعسر على إنظاره، وصلاة الجماعة تفضل على صلاة الفذ٢ وصلاة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام٣ مع أن الجماعة غير واجبة، والصلاة فيه غير واجبة وصلاة في


١ سقط في "أ".
٢ بسبع وعشرين درجة كما ورد بذلك الحديث.
انظر البخاري ٢/ ١٣١ في الأذان/ باب فضل صلاة الجماعة حديث "٦٤٥" ومسلم ١/ ٤٥٠ في المساجد/ باب فضل صلاة الجماعة "٢٤٩/ ٦٥٠".
٣ البخاري ٣/ ٦٣ في كتاب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة حديث "١١٩٠" ومسلم ٢/ ١٠١٢ في الحج/ باب فضل الصلاة بمسجدي مكة والمدينة "٥٠٥/ ١٣٩٤".