للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد أطال الشيخ أبو علي -في "شرح الفروع"- الكلام في هذه المسألة وجود فيها، وذكر أن القائل بهذا الوجه شبهه بالدن ينجس بنجاسة الخمر الذي فيه؛ فإذا تخلل طهر الدن تبعا للخمر المتخلل؛ لأن نجاسته كانت به. فأما إذا صب خمر في دن نجس ببول فصار الخمر خلا لم يطهر الخمر ولا الدن.

قال الشيخ أبو علي: وهذا غير صحيح؛ لأن المتنجس بالولوغ يجب غسله سبعا ويعفر وإن لم يصادف الولوغ نفس المتنجس به.

ولا يشبه الدن؛ لأنه إذا كان نجسا بغير خمر فالخمر لم يطهر بصيرورته خلا، فكيف يستتبع الدن؟

ثم هناك نجاستان.

إحدهما: الخمر، وقد يطهر بالاستحالة.

والأخرى: غيره، ولا يؤثر الانقلاب.

وفي مسألتان النجاسة واحدة وهي نجاسة الكلب سواء أصاب نفس الإناء أم ماء الإناء؛ فلذلك صار حكمه في الحالتين واحدا.

قلت: وهذا الوجه يشبه الوجه المفصل في الضبة بين أن تلاقي فم الشارب أو لا.

وفي المسألة وجه رابع: أن الإناء إذا ترك فيه ساعة قام مقام الغسلات ويبقى التعفير وحده١.

قلت: وصورة ثالثة في مسألة البئر، يتمعظ فيه شعر فأرة إذا ماس الشعر جوانب البئر، وكان الماء كثيرا بينه وبين الشعر، أكثر من قلتين -وليس بين الشعر وجوانب البئر إلا دون القلتين فالكثير- الذي وسط البئر طاهر، والبئر نجس، لتنجسه بنجاسة الماء القليل الملاقي له، بخلاف الكثير البعيد عنه وهذا على قول التباعد.

فهذه ثلاث صور.

فائدة: قال أبو العباس بن القاص في "كتاب التلخيص" لا يجوز تنكيس الوضوء عمدا إلا في مسألة واحدة: وهي جنب غسل بدنه إلا رجليه ثم أحدث فلو بدأ برجليه


١ قال السيوطي في الأشباه والنظائر "٤٥٣" وهذا يشبه مسألة الكوز وقد بسطتها في شرح منظومتي المسماة بالخلاصة وعبارتي فيها:
وإن بلغ في دونه فكوثرا ... يطهر قطعا، والإنا لن يطهرا