للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من اختصاص الإنسان باليد والتصرف وعدم النكير عليه تعيينه من بين الناس، وليس مع من يدعى الملك فيه الأصل يعتضد به، فأما أصل الملك فالأصل عدم الملك. فلا يثبت بظاهر التصرف. وعند ذلك قال الأصحاب: إذا اجتمع الأصل والظاهر فالتعويل على الأصل فلئن قيل: الحر تصرف كذلك.

قلنا: قد ينقاد الخادم للمخدوم بما ينقاد بمثله العبيد.

انتهى كلام الإمام.

وقد تضمن أن اليد والتصرف لا يدلان على الملك إلا عند ثبوت الملك في تلك العين، فيكونان دالين على تعين صاحب اليد المتصرف وقضية هذا أن لا يشهد أن في يده إنسانا صغيرا، يتصرف فيه تصرف الملاك بالملك؛ لأن الأصل الحرية.

وفيه وجهان: أطلق أبو علي الطبري حكايتهما١. وقال غيره إنه سمعه يقول: هو عبدي، أو سمع الناس يقولون: إنه عبده شهد له بالملك، وإلا فلا وهذا ما صححه النووي في باب اللقيط٢.

وقد يقال على مساق كلام الإمام: يجري تصرف ذلك المتصرف على الصحة؛ إذ لا معارض له، فإن بلغ الصبي وأكذبه، أعرضنا عن تصديقه، واعتمدنا قول الصبي غير أن المصحح فيمن ادعى رق صغير في يده أنه يحكم له بالرق وهو ما رجحه الجمهور منهم صاحب التنبيه سواء كان مميزا أم لا. وقالوا: ثم إذا بلغ الصبي قال: أنا حر، لم يقبل أيضا على الأصح٣. وقد تلخص من هذا أن ما اقتضاه كلام الإمام من أن المتصرف في صور تصرف الملاك لا يشهد له بالملك وإن ادعى هو رقه؛ لأن الأصل الحرية وليس المرجح في المذهب.

وأقول: إن مأخذه حسن، وقضيته أنه إذا ثبت أنه رق على الجملة شهد له بالملك، وإلا فلا، لمخالفة الأصل، ويؤيد هذا أنه لو بلغ الصبي وأقر بالرق، لغير صاحب اليد لم يقبل جزما٤ بخلاف ما إذا ادعى الحرية فإن فيه خلافا، فكان وجه


١ روضة الطالبين ٥/ ٤٤٤، وأدب القضاء ١/ ٦٢٥.
٢ روضة الطالبين ٥/ ٤٤٤.
٣ إلا أن يقيم بينة بالحرية ولكن له تحليف السيد، قاله البغوي والثاني يقبل، روضة الطالبين ٥/ ٤٤٤، أدب القضاء ١/ ٦٥٦.
٤ روضة الطالبين ٥/ ٤٤٤.