للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عدم القبول فيما ادعى الرق لغير ذي اليد أنه وافق على الرق وإنما خالف في جهته فلم يصغ إلى مخالفته لمعارضته أمرا قد تكرر قبل بلوغه، بخلاف ما إذا ادعى الحرية فإنه يعتضد بأصل الحرية، وهذا المأخذ الذي أشار إليه الإمام لا يجري في الأملاك، فلا يقال: لا يشهد للمتصرف ذي اليد بالملك حتى يثبت أن الدار ملك على الجملة، مخافة أن تكون وقفا؛ لأن الأصل في العقار الملك، والوقف طارئ، ولا كذلك الرق مع الحرية؛ فإن الحرية هي الأصل، ونظير هذا: صغيرة في يد رجل يدعي نكاحها فالأصح أن لا يحكم له بالنكاح مع أنه لو ادعى الملك حكم له١.

وفرق الأصحاب في باب اللقيط بأن اليد على الجملة دالة على الملك ويجوز أن يولد وهو مملوك بخلاف النكاح، فإنه طارئ، فيحتاج إلى البينة٢.

وهذا كقوله في مساق كلام الإمام والدي. صرح به الأصحاب في باب الشهادات على الملك -بالتصرف والاستفاضة- العقار، والعبد، والثوب، وغيرها، وهذا يقدح في مأخذ الإمام.

والإمام ممن رجح جواز الشهادة بالملك لذي اليد المتطاولة وله التصرف تصرف الملاك، ثم ما ذكرناه من أن الأصل الحرية إنما نعني به الغالب، وحكى الرافعي عن حكاية صاحب التتمة قولا بامتناع معاملة من لا تعرف حريته قال: لأن الأصل بقاء الحجر.

وهذا قد يقال: إنه ينازع قولهم: إن الأصل الحرية وقد يقال: أنه لا يتنازع؛ لأن المدعى بقاء الحجر. لا إيقاع الحرية.

فإنه قلت: الحجر يستدعي انتفاء الحرية الملازمة لثبوت الرق.

قلت: لم قلت: إنما نعني حجر الرق، وقد نعني مطلق الحجر المستصحب من زمن الصغر، ولذلك عبرا بلفظ البقاء. غير أنه قبل البلوغ مستندا لا سيما في الأحرار إلى الصبي، وبعد البلوغ يستصحب في مجهول الحال، وجائز أن يسمى حجر الصبي بما لكونه مستصحبا، كما قيل بمثله فيمن بلغ سفيها، وأن يقال: لا ضرورة ما إلى


١ وقال ابن الحداد: نعم كالرق، والأصح ما حكاه المصنف، روضة الطالبين ٥/ ٤٤٤.
٢ المصدر السابق.