الخلاف مثل طريان الكثرة على الماء القليل المستعمل، وطريان الشفاء على المستحاضة في أثناء الصلاة، وطريان الردة -والعياذ بالله تعالى- على المحرم فيبطل نسكه، وطريان قصد المعصية على سفر الطاعة حتى لا يترخص، وعكسه حتى يترخص، وطريان نقصان عدد الجمعة في أثنائها -كما لو انفضوا- فتبطل الصلاة، وإذا طولب المولى بالفيئة أو الطلاق؛ فوطئ ولم ينزع، كما غيب، بل مكث؛ فالصحيح لاحد لأن الابتداء كان مباحًا وهو أيضًا كثير.
القسم الثاني: أن لا ينزل منزلة الابتداء: وهذا هو الخارج، وهو أيضا على ضربين أحدهما: أن يكون ذلك جزما -وهو قليل- مثل طريان الإحرام والردة وعدة الشبهة على النكاح، وطريان الإسلام على السبي فإنه لا يزيل الملك وطريان اليسار، ونكاح الحرة، والأمن من العنت على حر نكح أمة بالشروط؛ خلافا للمزني في اليسار، ونكاح الحرة، وطريان إباق العبد؛ فإنه لا يفسخ البيع؛ مع كون الإباق يمنع صحة البيع ابتداء، ولو ابتلت الحنطة المرهونة وتعرضت للفساد لم ينفسخ عقد الرهن. وإن قلنا: رهن ما يتسارع إليه الفساد باطل، ولو رأى المتيمم الماء في أثناء الصلاة أتمها، إن كانت مما يسقط فرضها بالتيمم، وهو مانع في ابتداء الصلاة ولو أسلم عبدا لكافر لم ينفسخ عقد البيع، بخلاف ما لو كان مسلما ابتداء.
وثانيهما: أن يكون فيه خلاف، والأصح أنه لا يترك، وهو أكثر من القسم قبله مثل: القدرة على الماء في أثناء الصلاة، ونية التجارة بعد الشراء، وطريان ملك الابن على زوجة الأب؛ فإنه لا يفسخ به النكاح وإن كان ملك الابن مانعا من عقد الأب، ومثله إذا تزوج العبد بجارية ولده ثم أعتق، وإذا بنى جدارًا ملاصقًا للشارع -مائلًا؛ فسقط ضمن ما يتولد من سقوطه، وإن مال -بعد أن بناه مستويًا وقبل التمكن من الهدم أو الإصلاح- فالأصح لا يضمن، ولو سفه في الدين -دون المال لم يحجر عليه في الأصح، وإن قلنا: لو قارن ذلك البلوغ اقتضى دوام الحجر، ولو جرت قسمة ثم استحق جزء شائع لم يبطل في غيره على الأصح، لو أراد بعض الشركاء -في الابتداء- أن ينفرد بالقسمة لم يمكن.
إذا عرفت هذا: فكل من عد الاعتقاد في الدوام أصلا من أصول القواعد فقد أساء الفهم عن الأئمة وأسوأ منه فهما وأسفه رأيًا، ونظرًا من يعد في القواعد المسائل القليلة التي وقع فيها عكس هذه المسائل، وهو ما دعت إليه الضرورة من اغتفار الشيء في