للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما القول بأن عليه قيمة الحطب [فإن المطفي لم يستهلك الحطب] ١؛ وإنما أتلف الجمر بعد خروجه عن الحطبية. قال: كما أن من أحرق ثوبا ليتخذ رماده حراقا فأتلفه رجل، لا تجب عليه قيمة الثوب قبل الإحراق.

ثم قال الزبيري: أقرب ما يقال وجوب قيمة الجمر فإن له قيمة؛ فإن قلت: فإذا انتهى إلى حد لا قيمة له فلا شيء عليه إلا الإثم، وإن بقي بعد الإطفاء فحم ينتفع به، نظر إلى قيمته حاميًا وإلى نقصه حين صار فحما ووجب ما بينهما من التفاوت.

وذكر الزبيري أيضا -في المسكت أنه لو برد ماء في يوم صائف؛ فألقى فيه رجل حجارة محماة أذهبت برده، فقال قوم: لا شيء عليه لأن هذا ماء على هيئته، وتبريده ممكن.

وقيل: يأخذ هذا المعتدي ما أسخنه، ويضمن مثله باردا.

وقيل: ينظر إلى ما بين القيمتين في هذه الحالة فيضمن به.

قال: "وقول الأولين مشكل؛ لأن هذا أتلف بمنفعة مقصودة، فصار كما لو نسج ثوبا، أو ضرب لبنا فأعادهما إلى حالهما الأول" قال: على أن بعضهم ارتكب في هذين أيضا أنه لا يضمن ما نقص، وهو بعيد، ومنهم من قال يضمن مثل الثوب منسوجا، ومثل اللبن مضروبا ويرد على هؤلاء أن فيه إزالة الملك عن المالك، ودخوله في ملك الآخر بمجرد التعدي، ويرد على من قال: يضمن ما بين القيمتين باردا أو مسخنا أن الماء ربوي؛ فإذا أخذ ماءه ومعه دراهم لما نقص وقع في محذور الربا، كما قيل فيمن كسر درهما مضروبا لغيره ثم نقصت قيمته بقيراط من الذهب يحكم عليه به، وشنعوا على قائله بأنه ربا؛ والحق أنه لا محذور لأن مالك الدراهم والماء لم يزل ملكه عنهما، ثم يعود إليه مع غيره؛ حتى يقع في الربا فلا شناعة في نفس الأمر.

قال: ولو ألقى في ماء أسخنه رجل قطعة ثلج لينتفع به، فيه كالمسألة قبلها.

قال: ولو بل خيشا ونصبه ليتبرد به، فجاء رجل وأوقد عنده نارا حتى نشف وحمى، قال بعضهم: عليه قيمة الماء الذي بل به، وقال غيره عليه قيمة الانتفاع به مدة بقائه باردا.

وقال آخرون: لا شيء عليه إلا الإثم.


١ سقط في "ب".