للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بحلها لغيره قال: ولو قال في هذه الصور: "صار ذلك إليه" لم يصح أيضا؛ فإن أراد الماوردي الاعتراض عل ابن القاص؛ فليس بجيد؛ لأن كلامه في الديون لاقى الأعيان، وإن أراد إلحاق العين بالدين فهي فائدة جديدة -لا تعلق لها بابن القاص، ثم لك أن تقول: يصح ثبوت الحمل ابتداء للغير كحامل أو وصي مالكها بحملها لزيد ثم مات، وقبل الموصى له الوصية؛ فالوارث المالك [الحمل] ١ يقر بالحمل لزيد، وهو مالك بهيمة صح إقراره بحملها لغيره، والحمل لم يثبت له ابتداء.

فإن قلت: هب أنه لم يثبت [له] ٢ ابتداء؛ إلا أنه -أيضا- لم يثبت للمقر له ابتداء، بل للميت الموصي، وتنزيل وارثه منزلته، أولى من تنزيل الموصي له؛ فإما أن نقدر أنه ثبت للوارث ثم انتقل عنه، فيتجه كلام الماوردي، وإما أن لا نقدر ذلك؛ فلا يصح الاعتراض -أيضا- لعدم [صحة] ٣ ثبوته للمقر ابتداء.

قلت: نفرض ذلك في رجل أوصى بما ستحمله هذه الجارية فإن الصحيح صحته فإذا حملت، وأقر به الوارث للموصى له؛ فقد أقر بما يثبت للمقر له ابتداء؛ فلا يتأتى كلام الماوردي في هذه الصورة، ولا ينبغي أن نورد على ابن القاص إلا دين -غير هذه الصور الثلاث- لا يمكن ثبوته ابتداء للمقر.

وقد خطرت لي صورة، وهي الفقراء إذا انحصروا في بلد، ووجبت الزكاة في مال بعض أهل البلد، وفرعنا على القول بتعليقها بالذمة؛ فإنهم إذا أقروا بذلك القدر الواجب لمن ليس من أهل الزكاة؛ فقد أقروا بما لا يصح ثبوته ابتداء للغير؛ فينبغي -على قول ابن القاص- أن لا يصح، بل قد يقال بذلك على كل الأقوال، لأن الذمة ليست خلوا -وإن قلنا- بتعلق الشركة أو الرهن.

وصورة ثانية: وهي الحر المؤجر نفسه إذا أقر بما له من الأجرة في ذمة المستأجر؛ إلا أنه قد يقال: جاز أن يكون المقر له استأجر نفس هذا الحر قبل أن يستأجره المستأجر الثاني، وأذن له أن يؤجر نفسه عنه، فأجر نفسه عنه، فالأجرة ثابتة للمستأجر الأول، والحر واسطة، فلم يمتنع ثبوت المقر به للغير.

فائدة: كثيرا ما يقع أن شخصًا يقر بأنه لا حق له في هذا الوقف، أو أن زيدا هو المستحق دونه، ويخرج شرط الوقف مكذبا للمقر، ومقتضيًا لاستحقاقه، فيظن بعض


١ سقط من "أ" والمثبت من "ب".
٢ سقط من "ب".
٣ سقط من "ب".